هل سنحقق الدولة الاتحادية المستقلة وفقاً للدستور؟

آراء 2022/01/21
...

 زهير كاظم عبود 
في مرحلة بناء الدولة أو تأسيس أي كيان سياسي، لا بد من تشخيص الكفاءات التي تخدم عملية البناء والتأسيس وزجّها بالشروع في عملية البناء، ولا بد من حشد الطاقات التي تكون في مكانها المناسب من أجل أن يكون أسس البناء رصينا وصحيحا٬ ومن دون ذلك يتمُّ البناء مرتبكا وعفويا يتخلله الخلل ويمتلئ بالأخطاء التي ربما تتراكم ويتداعى معها البناء كله. 
 
العملية السياسية في العراق لم تضع قدمها على الطريق الصحيح، وتراكم الإخفاقات التي يعرفها كل اهل العراق دليل أكيد على هذا الفشل والتراجع ومثلت موقفا يسيء للعراق ولتاريخه، ولا يفيد أو يساعد في عملية بناء دولة العراق الاتحادية٬ ولا في رسم مناهج الديمقراطية والفيدرالية، ولا يخدم رصانة البناء الدستوري والقانوني، ولا يجسد المطالب العراقية الوطنية والشعبية، حيث يحلُّ تزاحم العناصر الحزبية الخالية من التجربة والامكانيات، بديلا عن العناصر الكفوءة، وهذه العملية ستكلف العراق خسارة كبيرة فوق خساراته المتراكمة، فتزيد من تراجعه ونكوصه، وهذه العملية تسهم في تشتيت الطاقات العراقية وتهميش العقول، التي لم تجد لها الفرصة أمام التزاحم الحاصل في العراق اليوم، وتزيد من الخسارة الجسيمة التي تلحق به وبمستقبله. 
وما عاد للعراقي أيَّ خيارٍ في أن يختار الأكفأ، وليت الأمر يقف عند هذه الحدود، فقد استشرى الوباء الطائفي والتعصب الديني، وبات العراقيون الأصلاء من أهل الديانات غير الإسلامية يتعرضون التهميش والانعزال، وبات هؤلاء يريدون الحفاظ على كرامتهم وشرفهم وبيوتهم من دون أن يجدوا السند الذي يحميهم، وتضيع الكثير من الحقوق وتنقلب المعايير، وصار المسيحيون والأيزيديون والمندائيون غرباء في عراقهم، الذي رعوه بأعمارهم وسقوه بماء العيون، وقدموا خيرة شبابهم من 
أجله. 
ولم يقف الأمر عند هذه الحدود، فقد تمَّ توزيع المراكز الوظيفية وفقاً للحصص الطائفية والقومية، واستمرار لعملية هدم الأساس المتبقي للدولة العراقية، غير عابئة بعجزها الفاضح عن تقديم خدمة للمواطن ولمستقبل العراق، وعدم تمكنها من خدمة المواطن في شتى المجالات، وتمَّ تغييبُ الطاقات والكفاءات، وصار توزيع الوظائف والمراكز يتمُّ بينهم قسمة ضيزى، وصار الاختيار وفقا للطائفة التي يزعم الجميع رفض التمسك بها، ويتصنع الجميع.
وصارت المناصب توزع وفقا لجدول الضرب، وما على المواطن العراقي، الا أن يستمع للفضائح التي تعدت حدود الاختلاس والسرقات ووصلت الى عمليات النصب والاحتيال، حتى باتت الناس تجزم بأنه ما من أحد لا يسرق وإنَّ الفساد عمَّ البلاد، واختلط الحابل بالنابل، غير أن هؤلاء وهم يسرقون قوت الفقراء والمحرومين ويمارسون عملية سرقة المال العام في وضح النهار بحكم مناصبهم ووظائفهم الطافية دون رادع حقيقي، خانوا الأمانة مع أنهم لم يكونوا أهلا لها، ومع أنهم لم يكنوا أصلا أهلا لتحمل تلك الأمانة، وهم يزاحمون الطاقات العراقية التي لم تجد لها موطئ قدم ولا عملا يتناسب مع قدراتها، فغادر اكثرها العراق، او انزوت في اركان بيوتها لا تلوي على شيء، غير آسفة الا على مستقبل العراق وما ىل اليه الحال، وبقي الأسف على تلك الأرواح التي تقدمت للتضحية في سبيل خلاص العراق من الدكتاتورية ليقع في فخ الطائفية والمتهالكين على المناصب وسرّاق مال العراق. 
الى أين يمضي العراق وهم يقودون دفته ويكرسون مناهج عفا عليها الزمن؟
وماذا حصل العراق خلال سنوات المحنة التي أعاقوا بها تقدمه؟
ومن سيحاسب من بعد أن تمَّت سرقة أموال العراق وعائدات النفط، التي لم يتعرف العراقي عن حقيقة وحجم السرقات منها، وبات لا يعرف سوى فتات الأخبار التي يتمُّ طمرها واسكات مصادرها عن مئات السراق والنهابين، وعن عشرات المسؤولين الذين فروا بملايين العراق وبدؤوا ببناء امبراطورياتهم خارج العراق، وعن مئات المسؤولين الذين لم يكن لهم هم او حرقة على العراق . 
بتنا بانتظار نتائج اللجان التي تتشكل بحق الفاسدين والمرتشين وسراق المال العام، دون نتيجة٬ وأصبح حالنا أننا تعرّفنا على نتائج تلك اللجان قبل أن تعلنها، فقد شبعنا من اللجان ومن الحقائق التي طمرت او أخفيت او تمَّ حفظها صونا لسمعتنا التي باتت مكشوفة لدى الرأي العام الدولي. 
وبعد كل هذا هل هناك أملٌ بصحوة عراقية قادمة؟
هل يمكن أن يستعيد العراق مكانته وتكون لنا دولة اتحادية واحدة ومستقلة يضمن وحدتها الدستور ويحميها القانون؟.