داعش الميّت الحيّ

العراق 2022/01/22
...

أحمد عبد الحسين
سيظلّ هناك من يصعق داعش كهربائياً ليُحييه كلما توقف نبضه.
التنظيم الإرهابيّ يعاود نشاطه الإجراميّ هذه الأيام في العراق وسوريا، فأمس قتل 11 جندياً في منطقة العظيم، وهجم على سجنٍ في الحسكة فحرر عشرات المعتقلين.
في منطقتنا الملأى بالأزمات المستعصية، كان داعش ـ ولم يزل ـ تحت الطلب. يُخلق من عدمٍ حين يكون مفيداً لأميركا ودول إقليمية أن يُخلق في مواجهة إيران ومناصريها داخل العراق، ويحتلّ أراضيَ شاسعة حين يكون مفيداً لبعض الساسة خلق أزمة كبرى لمنافعهم الصغرى، ويؤتى به من لبنان وسوريا إلى حدود العراق حين يكون الغرض إشغال الأميركان والضغط عليهم والتخفيف عن السوريين، ثمّ يُبعث وهو رميم في سوريا ـ منطقة نفوذ روسيا ـ في ذروة الخلاف الأميركي الروسي بمناسبة أزمة أوكرانيا، وينشط مرة أخرى بشكل مفاجئ في العراق في عزِّ أزمة سياسية عنوانها الأبرز تشكيل الحكومة.
الأمر أبعد من "نظرية المؤامرة" وأعمق. أُضعف تنظيم داعش إلى الحدِّ الذي أصبحتْ قوى كثيرة دولية وإقليمية قادرة على أن تحرّكه متى ما أرادتْ، بعض قيادات هذا التنظيم تأتمر بأوامر أميركية، بشكل مباشر أو غير مباشر، وبعض قياداته الأخرى تسكن في بلد مجاور للعراق معزّزة مكرّمة!
من يطالع سيناريو تهريب السجناء في الحسكة، لا يمكنه إلا أن يستعيد سيناريو 2014 حين شنّ التنظيم سلسلة عمليات اقتحم بها السجون العراقية وحرّر مقاتليه، وسط ذهول العالم وإنكار حكومتنا التي لم تعترفْ بالأمر إلا بعد أن أصبحتْ الفضيحة كونية.
مادامت سوريا منطقة نفوذ "روسيّ ـ إيرانيّ" والعراق منطقة نفوذ "إيرانيّ ـ أميركيّ" وما دام أصحاب الشأن منقسمين على أنفسهم بانتظار الغنيمة، فإنَّ أهل النفوذ الكبار قادرون ـ متى ما أرادوا ـ على إحياء عظام داعش وهي رميم.