مواجهة الفساد

آراء 2022/01/23
...

  وجدان عبد العزيز
 
الحقيقة في معالجة قضية الفساد هناك عاملان، لا بدَّ من الاشارة لهما: الأول البيئة الاجتماعية والإطار الاقتصادي المتردي التي يكتنفها مسوغ من الناحية الانسانية تفويض موظف الخدمة العامة في وقوعه بفخ الفساد الاداري والمالي، اما العامل الثاني فهو مسوغ المتراكم التاريخي بن العراقي حُكم لسنوات من الأجنبي وتلته حكومات لم تعطه مكانته الحقيقية في الثواب والعقاب، كما حدث في عهد الدكتاتورية الصدامية، حيث كان تردي الراتب الشهري الى أدنى مستوياته أمام المد المرتفع للاسعار، بحيث جعل موظف الخدمة العامة يؤدي خدماته شبه مجانية، هذه المسوغات أصبحت في ما بعد تربية اجتماعية يراد لها معالجة جذرية لا التوقف عند المعالجة السريعة كالمعالجة الاقتصادية في جعل الراتب مجزيا لهذه الخدمة، رغم أن هذه المعالجة هي رقم واحد، لكن الرقم الثاني والمهم فهو تشريع قوانين رادعة بهدف انساني، يليه الرقم الثالث وهو تهيئة المناخ الاجتماعي الذي ينظر للمفسد، او المرتشي نظرات ريب وقبح ومحاولة نشر هذه الثقافة في المستويات الاجتماعية كافة، هذه ثلاثية المعالجة المطلوبة وقد تستغرق وقتا في اكتساب النتائج، لأن ظاهرة الفساد في المجتمع العراقي ضاربة في جذورها، وقد تصاعدت الى مستويات الوظيفة العليا وخرقت الضمير الوطني واضعفته كثيرا..هذه هي حالة الفساد الظاهرة للعيان، اما التي تعمل بسلسلة طويلة وهي الفسادات المؤسساتية التي ارتبطت بمحصصات السلطة بعد سقوط النظام واخذت بمبدأ (انصر اخاك ظالما او مظلوما)، وامتدت حتى فعلت تجاوزات لا يحسن السكوت عليها.. فالمراد الأجور المجزية، والقوانين الحاكمة، والثقافة الاجتماعية ضد الفساد.. الظاهر ان هذه الامور تتطلب حنكة ودراية في المراقبة، ومن ثم محاولة تفعيل الدستور وتعديله وفق مرحلة النهوض الحالية والتخلص من بعض الاغطية القانونية لمثل هكذا جرائم، أنا أجزم بأن مثقفي العراق وإعلاميه والقانونيين عليهم أن يكونوا في مركز الصدارة في تصديهم لهذه الظاهرة ومحاولة افشاء اسرارها، استنادا لمبدأ (لا تخشى في الحق لومة لائم) ليكون التاريخ في هذه المرحلة شاهدا لأبناء العراق من مثقفين واعلاميين وأصحاب النفوس المطمئنة للعمل الصالح، بأن العراق تغلب على مصاعب مرحلة التغيير بجهوده الذاتية.