دولة واحدة أم دولتان؟

آراء 2022/01/25
...

  شمخي جبر
 
نسمع كثيراً عن الخلافات بين الوزارات ومؤسسات الدولة على بعض الأملاك، وقد تتم تسوية هذه الخلافات بالنوايا الحسنة وبالحرص على المال العام والمصلحة العامة، ولكن لا يمكن أنْ يتحول الأمر إلى كوميديا 
سوداء.
كما لا يمكن أنْ يصل الأمر إلى حد التخريب وإزالة المشيدات، وهو ما يحدث من نزاع بين وزارتي الثقافة والإسكان والإعمار على بناية مسرح الرشيد والتي تدعي وزارة الإسكان ملكيتها للأرض المشيد عليها المسرح؛ وبهذا فهي تطالب دائرة السينما والمسرح بإزالة المشيدات على الارض، ما يعني إزالة مسرح الرشيد الذي يشكل رمزا وذاكرة فنية وثقافية عراقية مهمة امتد عمرها لأكثر من ربع قرن .
مسرح الرشيد الذي ظل مخربا ومتروكا ومهملا منذ تعرضه للنهب بعد أحداث النهب والسلب التي رافقت الاحتلال، قامت دائرة السينما والمسرح بإعادة إعماره بجهود ذاتية من دون أن تكلف ميزانية الدولة اية تخصيصات مالية، فكانت مبادرتها وإنجازها محط 
إعجاب وثناء المسؤولين والمهتمين بالمسرح والشأن الثقافي بشكل عام، إذْ أُعيدت الروح لهذا الصرح الثقافي الذي ظل مهملا طوال (18 عاما) بجهود منتسبي دائرة السينما والمسرح من فنيين وحِرَفيين .
تاريخ هذه القضية يمتد الى العام 1979، إذ حُسِمَتْ هذه القضية في تخصيص قطعة الأرض هذه إلى وزارة الإعلام وتحديداً لإقامة بناية (مصلحة السينما والمسرح) كما كانت تسمى آنذاك، وهذا ما تحدثت عنه الوثائق الصادرة في تلك الفترة الزمنية .
عملية الإعمار والجهود التي رافقتها تكاليف كثيرة، هي أكثر بمئات المرات من كلفة عملية التخريب والهدم وإزالة ما تم بناؤه .
ولا أدري كيف تفكر وزارة الإسكان والإعمار ، وهي أُمّ الإعمار والبناء كما يشير عنوانها بإزالة مسرح الرشيد؟! .
وكيف تطالب بإزالة المشيدات خلال (14 يوما) من تاريخ التبليغ؟.
إنّها الكوميديا السوداء كما يقولون، أو هو المضحك المبكي في زمن ندر الإعمار والبناء وشاع التخريب والخراب والهدم.
أعتقد أن هناك حلا عقلانيا لهذا النزاع أفضل من هدم وإزالة رمز من رموز الثقافة العراقية وذاكرة مهمة في مخيلة المسرح والفن العراقي بشكل عام .
ولا أدري هل نحن في دولة أم دولتين حتى نصل إلى هذا الحد من النزاع الذي سيخلّف خرابا.