أحمد عبد الحسين
ردّت المحكمة الاتحادية، أمس، دعوى الطعن بجلسة مجلس النوّاب الأولى.
يقلّ منسوب الخوف والتوتّر والقلق كلما أخذت السلطة القضائية على عاتقها القيام بمهامها الكبرى والمتمثلة في كونها صاحبة الكلمة الفصل بين المتنازعين، إذْ لا كلمة تعلو على كلمتها.
الظرف الذي قُدّمت فيه الطعون، والتراشق الإعلاميّ الذي سبق وأعقب تقديمها، والخطاب المتشنّج من قبل الكتل السياسية ومناصريها في الإعلام، أشاع جوّاً من الترقّب يذكّر بالأجواء التي تسبق الحرب، بل أن بعض السياسيين لم يدخّروا وسعاً في رفع منسوب خوفنا إلى أقصاه حين تحدثوا بطلاقة يتقنونها جيداً عن احتمال نشوب نزاع شيعيّ ـ شيعي.
جاء قرار المحكمة ليضع الأمور في نصابها. التغالب السياسيّ يجب أن يظلّ في حدود السياسة ولا يتعدّاها، لأن الاحتكام للشارع وللرهانات الشعبوية والخطابات العقائدية نتائجه معروفة وقد حفظناها عن ظهر قلب وعرفنا أيّ طريق موحشة تسلك بنا إذا نحن استغرقنا فيها.
كلّ نزاع لا تكون له مرجعية قانونية يحتكم إليها فإنّ مآله الاستمرار إلى الأبد وتحوّله إلى كارثة. ولهذا فإنّ قرار المحكمة كان رسالة طمأنة للجميع مفادها أنّ في نهاية مطاف كلّ خلاف بين القوى السياسية مهما بلغ من العمق والحدّة، ثمة كلاماً هو فصل الكلام ولا يمكن أن يتعدّاه أحد.
عاد الخلاف السياسيّ سياسياً إذن. والكرة الآن في ملعب السياسيين الذين سيكون لاجتماعاتهم منذ اليوم طابع آخر غير ما كان لاجتماعات الأمس، لأنّ الجلسة الأولى للبرلمان وقد أصبحتْ شرعية ستكون مثابة لكلّ تفاوض مقبل.
مهما كانت مؤاخذات البعض على قرار المحكمة، بل على المحكمة نفسها، إلا أنها تظلّ لها فضيلة كبرى تتمثل في تقليل خوفنا نحن العراقيين من ألاعيب السياسيين الخشنة!