بغداد: نافع الناجي
أسهم الإهمال المجتمعي لشريحة الأطفال في البلاد في تسربهم إلى الأسواق والطرقات، باحثين عن عملٍ يجنون منه ما يُعينون به أسرهم، أطفال العراق أصبحوا لا يعيشون طفولتهم الغضّة، بل يتقمصون أدواراً أكبر من أحلامهم عبر العمل بأسوأ الظروف.
مجبرين لا مخيرين، يتركون المقاعد الدراسية حتى تضاعفت أعداد المنخرطين تحت مسمى "عمالة الأطفال" مسجلة نحو نصف مليون
طفل.
الطفل ظفار عبد الهادي يقول لـ"الصباح": إنه "مجبر على العمل رغم أني متعلق بدراستي، تركت المدرسة وأصدقائي فيها، حتى أعيل أهلي لأنَّ والدي متوفى". وأضاف "أتمنى أن أعود مجدداً للمدرسة وأحقق طموحاتي، لكن ما باليد حيلة".
سرمد حسين، يقول: "لايمكنني العودة إلى بيتنا إذا لم أصرِّف هذه البضاعة، فوالدي يؤنبني وقد يضربني أيضاً"، وأضاف "هو يجلب لي البضاعة من أحد تجار الشورجة وأنا تنحصر مهمتي بالخروج اليومي والطواف على قدميّ لبيعها
وتصريفها".
حسن مطر، طفل آخر يعمل في أسواق بغداد كبائع متجول، لكنه مزج بين العمل والدراسة، متشبثاً بالأمل وبمقعده الدراسي متجاوزاً عقبة الظروف المعيشية التي تعثر بها أطفال كثر.
يقول حسن: "بفعل الضغط والمسؤوليات المتراكمة، بتّ لا أعرف مستقبلي ومايخبئه القدر لي" ويشير إلى أنه يرى أطفالاً بعمره "يا دوب يطلع له علاقة مسواق لأهله يومياً، وهذا عمله من الصباح الباكر إلى الليل". وهؤلاء تركوا دوام مدارسهم بعد أن أجبرهم أهاليهم على ترك المدارس والالتحاق بسوق العمالة المبكرة.
ثمانية وثلاثون بالمئة من أطفال العراق، بحسب إحصائيات منظمات دولية يمرون بنفس تجربة هؤلاء الصغار ورعاية حكومية لا تتناسب مع هذا العدد. بناة المستقبل يصارعون الحياة دون تعليم أو تطوير أو اهتمام، وهذه النسبة الرسمية ليست وليدة الصدفة بل نتيجة إخفاق وإهمال وتراكمات ورثها أطفالنا منذ عقود.