الأمن مقابل النفوذ

العراق 2022/01/30
...

أحمد عبد الحسين
مَع كل أزمة سياسية تعقب الانتخابات عادة، نشهد ممارسة غريبة أصبحت تقليداً في السياسة العراقية، مفادها وضع أمن الوطن على طاولة المفاوضات باعتباره ورقة للمساومة، ورقة قوية وحاسمة يحتفظون بها لتقوية مواقفهم السياسية التي لا يستطيعون الوصول إليها بالفعل السياسي وحده.
حين كان يقال عن الانتخابات إنها ستظلّ دون حدود الكمال دائماً وأبداً بسبب تغوّل حاملي السلاح والملوّحين به والمستقوين على أقرانهم به، كان كثير من الناس يسحب هذا التخوّف إلى أكثر المناطق سطحية بقوله إن تلك الانتخابات جرت في أجواء آمنة نسبياً، وإن المسلّح إذا قبل باللعبة الديمقراطية فقد قبل ضمناً بنزع براثنه والدخول في محفل متداولي السلطة سلمياً. 
هؤلاء واهمون،  فللسلاح أخلاقه الخاصة به التي تفرض على صاحبه طريقة أدائه ولغة خطابه وأسلوب تعاطيه مع غرمائه. وهو حتى بعد أن يأتي إلى طاولة المفاوضات ليمارس السياسة فسيتصرّف مع الآخرين باعتباره حامل سلاح.
ولذا فإن الأمن العراقي داخل بقوة في كل مفاوضات سياسية. يجد المواطن أن أمنه وأمن عائلته بل أمن الوطن كله مرتهن في يد بضعة أشخاص نافذين يتمثل كل مشروعهم في زيادة نفوذهم وإدامته وتكثير رأسمالهم الرمزي والمادي على حساب أمن الناس الذين انتخبوهم.
الأمن مقابل النفوذ، هذه هي المعادلة الحقيقية التي نعيشها بعد كل انتخابات مهما حاولنا تجميلها أو التستر عليها وإخفاءها.
حادثة قصف المطار، ومثلها حوادث سابقة تثبت أننا وأمننا أسرى في يد مسلحين أقوياء يريدون مزيداً من القوّة والسلاح، وإن لم تزد أرصدتهم في البنوك فلا أمن لنا.