حسين الصدر
- 1 -
الشواهد الشعرية الواردة في المقالة انتزعت بلحاظٍ شعريٍّ مَحْض ، فربما كان قائِلُها عالما كبيراً، وعلماً من أعلام الفقه أو الحديث..
اننا نُغنى به هنا من زاوية الشعر .
- 2 -
إنّ الشعر هو المرآة التي تنعكس عليها مشاعر الشاعر وأحاسيسه حين يرضى وحين يغضب ،
حين يمدح وحين يذم ،
حين يخاف وحين يطمئن ،
حين يتحدث عن نفسه وحين يتحدث عن حبيبَتِهِ ..!!
وعما يختلجُ في نفسه من قضايا وهموم وآراء في مختلف المناحي والجهات ...
وهنا لا يعيننا الاّ حديث الشاعر عن نفسه.
- 3 -
وكثيراً ما تنعكس في أحاديث الشاعر عن نفسه أَوْلَوياتُه ، وقضاياه ومُثُلهُ التي يؤمنُ بها ويسعى لتجسيدها في الواقع الحياتيّ.
فأنتَ ترى شعراء الخمرة والغزل يهيمون في ساحات اللذاذات والشهوات المادية .
بينما ترى الشعراء الرساليين يصوّرون شدة تمسكهم
بأهداب الدين والألتزام بأوامره ونواهيه ...
يقول أحدهم :
لَعَمْرُك ما أهويتُ كفيّ لريبةٍ
ولا حَمَلَتْني نحوَ فاحشةٍ رجْلي
ويقول كاتب السطور
لا لَنْ أطيعَ هوى نفسي فلستُ فتىً
يعصي الالهَ ومقْتُ الشرّ مِنْ شيمي
ولا أبيحُ لنفسي أيٌّ معصيةٍ
اذْ كلُّ معصيةٍ تُفضي الى الندمِ
وقديما قال مسكين الدارمي
أغضي اذا ما جارتي برزتْ
حتى يواري جارتي الخدرُ
وهذه كلها أصداءُ لحن واحدٍ ..!!
هو لحنُ الالتزام والانضباط البعيد عن الانفلات والتبذل
بينما نجد هناك من يقول :
قالوا جُنِنْتَ بمن تهوى فقلتُ لهم
مالذةُ العيشِ الاّ للمجانينِ
فهو هائم بحبيبته حدَّ الجنون ..!!
ثم انه يرى ان الحياة لا تطيب الاّ للمجانين أمثاله ..!!
- 4 -
ويقول أبو فراس الحمداني
عرفتُ الشر لا للشرِّ
لكنْ لِتَوَقِيهِ
ومَنْ لم يعرف الشرَّ مِنَ
الخيرِ يقعْ فيهِ
تأمل في قوله (عرفت الشر لا للشر)
انه ليس شريراً
ولا يريد ان يلّوث مساره بشوائب الشرور ، ولكنه أراد ان يعرف الشرّ لكي يتجنبه ويتوقاه، بَداهةَ أن من لا يعرفه قد يقع فيه ...
وباختصار :
انه عرف الشر فراراً من الشر
وهذا معطى انساني واخلاقي نبيل .
- 5 -
وحين تحدث القاضي الجرجاني عن نفسه، حدّثنا عن أُنْسِهِبالعلم والكُتُب لا بمعاشرةِ مَنْ لا تعود عليه معاشرتُه بطائل ..!!
اسمعه يقول :
ما تطعمتُ لذةَ العيش حتى
صرتُ للبيت والكتاب جليسا
ليس شيءٌ عندي أعزُّ من العلم
فلا ابتغي سواه أنيسا
نقول هذا في زمن قلّ فيه مَنْ رآى اللذة في احتساء كؤوس العلم والأدب...
ومن هنا كسدت سوق الكتب ..!!
وانخفضت مناسيب المعرفةوالأدب..!!