بغداد : هدى العزاوي
أكد خبراء في القانون أنَّ المحكمة الاتحاديَّة العليا أغلقت باب الجدل وقطعت نزاع المتخاصمين بتقديمها مفهوماً جديداً بشأن "الكتلة الأكبر" التي من حقّها دستورياً تشكيل الحكومة، وأنَّ المحكمة بقرارها الأخير تسلك توجهاً يتسق مع الفقه الدستوري العالمي في التفسير وتجدّده وفق الظروف الاقتصاديَّة والقانونيَّة والسياسيَّة.
وقال الخبير وأستاذ القانون الدكتور ماهر محسن عبود في حديث لـ"الصباح":إنَّ "قرار المحكمة الاتحاديَّة العليا بعدد 7 في الثالث من شهر شباط الحالي 2022 وضع النقاط على الحروف فيما يتعلقبالكتلة النيابيَّة الأكثر عدداً من حيث لمن تقدَّم ووقت تقديمها وجهة ومضمون الكتلة النيابيَّة الأكثر عدداً".
وأضاف أنه "من حيث وقت تقديم الكتلة الأكثر عدداً، كانت المحكمة الاتحاديَّة صريحة وواضحة، ونظراً لهذه الدعوى فإنَّ الكتلة النيابيَّة الأكثر عدداً تقدَّم في أيِّ جلسة من جلسات مجلس النواب أو إلى رئاسة مجلس النواب حتى وإنْ كان هذا التقديم بعد انتخاب رئيس الجمهوريَّة".
وأشار إلى أنه من الواجب "على رئاسة مجلس النواب أنْ تدقق وتستوثق عدد الكتلة النيابيَّة المقدَّمة لها ومن ثم ترفعها إلى رئيس الجمهوريَّة بعد انتخابه دستورياً، وهذا يعني عدم جواز رئاسة مجلس النواب مطلقاً بتقديم أو إعلان الكتلة النيابيَّة الأكثر عدداً إلا بعد انتخاب رئيس الجمهوريَّة، ويجوز أن تتسلم قوائم متمثلة بشخصيات وأحزاب مستقلة أو كيانات وتدققها وتعلن الكتلة النيابيَّة الأكثر عدداً على شرط أنْ تسلمها إلى رئيس الجمهوريَّة بعد انتخابه وفق الدستور".
وأكد أنه "بهذا القرار، حُسم الخلاف والجدل في وقت تقديم الكتلة النيابيَّة الأكثر عدداً ووقت تقديمها، وأنه بعد انتخاب رئيس الجمهوريَّة يكلف مرشح الكتلة النياييَّة الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة".
من جانبه، بيَّن المحلل السياسي الدكتور حيدر سلمان في حديث لـ"الصباح"، أنَّ "قرار المحكمة الاتحاديَّة تضمن ردَّ دعوى تقدَّم بها نواب من الإطار التنسيقي لاعتبارهم الكتلة الأكبر، ومن الواضح أنَّ قرار المحكمة، برغم أنه ردَّ الطعن كما أسلفنا، ولكنه واضح أنه لم يعد كذلك الكتلة الصدريَّة التي قدَّمت تواقيع نوابها في اليوم نفسه أنها كتلة أكبر أو أكثر، وبالتالي لا يوجد كتلة أكبر لا من قبل التيار الصدري ولا من قبل الإطار التنسيقي على حدّ سواء، وما ذهبوا إليه من تصارع لا قيمة له".
وأضاف أنَّ "التفسير للكتلة الأكبر حسب قرار المحكمة الاتحاديَّة هو نتاج ائتلاف كتل وشخصيات (بعد اكتمال تسمية رئيس الجمهوريَّة الذي يسمَّى بجمع تواقيع ثلثي المجلس النيابي وليس الأغلبيَّة البسيطة) وبعدها تسمية رئيس الوزراء من قبل تجمع نواب بحيث يكون تعدادهم (الأكثر) في المجلس (يعني حتى لو بالأغلبية البسيطة)، وهو أمر مخالف لقرار المحكمة الاتحاديَّة في زمن مدحت المحمود الذي كان يرى أنَّ الكتلة الأكبر أو الأكثر هي التي تعلن نفسها في الجلسة الأولى".
وأشار سلمان إلى أنَّ "ما نراه اليوم وكالعادة قرارات مطاطة من المحكمة الاتحاديَّة، وهو أمر أصبح شبه معتاد بأنه مع تغير الحكومات تتغير التفسيرات".
وتابع، "الأهمّ اليوم أنَّ هناك متسعاً من الوقت لعبور مسألة تسمية رئيس الجمهوريَّة لحين تسمية رئيس الوزراء، والأوضح الآن أنَّ الطريق لن يكون سهلاً سواء لتسمية رئيس الجمهوريَّة الذي تمَّ الاعتياد أنه كردي (كونه يحتاج إلى ثلثي أعضاء المجلس النيابي) ولالرئيس الوزراء حيث المكون الشيعي (الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية) والذي جرت العادة أنه من يسمي رئيس الوزراء، إذ فرَّقتهم صراعاتهم ومنصب رئيس الوزراء سيكون شبه ائتلافي بين كتل مجتمعة وليس ذا صبغة شيعيَّة غالبة".
من ناحيته، قال الخبير القانوني علي
التميمي: إنَّ "المحكمة قالت إنَّ الكتلة الأكثر عددا وفق هذا المفهوم متغيرة وعرضة للانضمام بعد لقاءات الأحزاب والقوائم على ألا يتقاطع ذلك مع المادة 45 من قانون الانتخابات 9 لسنة 2020".
وعد التميمي أنَّ "هذا المفهوم الجديد لتفسير المادة 76 من الدستور بشأن الكتلة الأكثر عدداً يعدّ معدلاً للتفسير القديم 25 لسنة 2010 وهذا توجه جديد للمحكمة الاتحاديَّة يتسق مع الفقه الدستوري العالمي في التفسير وتجدده وفق الظروف الاقتصاديَّة والقانونيَّة والسياسيَّة وحتى لو كان قرار المحكمة باتاً فإنَّ هذا البتات لا يعني النهائيَّة".
وتابع، "أما القرار الآخر المترابط مع القرار أعلاه من حيث التطبيق فإنه توجب أنْ تعقد جلسة البرلمان ويتحقق نصابها في انتخاب رئيس الجمهوريَّة الجديد بأغلبيَّة الثلثين (220 نائباً) وأن يُتخذ القرار بوجود هذا العدد في الجولة الأولى من التصويت على انتخاب رئيس الجمهوريَّة".
وأفاد "سببت المحكمة الاتحاديَّة العليا ذلك بأنَّ المادة 70 من الدستور العراقي هي استثناء من الأصل الوارد في المادة 59 من الدستور العراقي التي أوجبت أنْ يكون الانعقاد بحضور 165 نائباً وأنْ تتخذ القرارات بالأغلبيَّة البسيطة".
تحرير: محمد الأنصاري