جريمة الرأي والنشر في مجال مهنة الإعلام

آراء 2022/02/06
...

 علي السباهي
 
لعل هذا الأمر جاء منسجما مع فلسفة التغيير الذي شهده العراق على اثر سقوط النظام الدكتاتوري التسلطي الفردي، الذي كان يعتبر الآراء والأفكار المعارضة لنهجه الشوفيني جريمة عظمى يستحق صاحبها اقسى العقوبات، الأمر الذي أحال فيه العراق إلى إمبراطورية من المعتقلات والمقابر الجماعية، وبعد إقرار الدستور من قبل أبناء الشعب لأول مرة في استفتاء شعبي كبير بتاريخ 15/10/2005، كانت ابرز ملامح الدستور هو اعتبار الحقوق والحريات مقدسة والتجاوز عليها أو قمعها جريمة يتعرض صاحبها إلى المساءلة القضائية.
وحرية التعبير عن الرأي واحدة من أهم الحريات التي تناولها الدستوركما ذكرنا، إضافة إلى حرية الفكر والضمير والعقيدة كما أشارت لها المادة (42) 
منه، وموضوع الرأي الذي ينتج عن فكر محاط بمناخ الحماية الدستورية والقانونية، قد يتخذ صور العلانية للترويج له اي ان يكون الشيء المعلن عنه بمتناول المجتمع الذي يكون حاضرا لحظة اعلان الشيء المعلن، وللعلانية طرق قد ذكرها قانون العقوبات في المادة (38) التي تضمنت (تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والاداب) كحرية التعبير عن الراي بكل الوسائل، اما نص الدستور العراقي في المادة 19 ثانيا حيث تقول (لاجريمة ولاعقوبة الا بنص ولاعقوبة الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب 
الجريمة.
لذا هنالك ضوابط تخص جانب مهنة الاعلام اتجاه جرائم الرأي والنشر وما يحدث من متغيرات لضوابط مهنية كثيرة تخص مهنة الإعلام، كالضوابط المهنية والاخلاقية والقانونية والدينية، وما لهذه الضوابط من اهمية في الارتقاء بالرسالة الاعلامية للوصول بها الى جانب الارتقاء والرصانة وما تشهده الساحة في وقتنا الحاضر من فوضى إعلامية، ابتعدت كثيرا في الآونة الاخيرة عن مخرجاتها الحقيقية.
 وعليه لا بد من أن يتمكن الاعلام من ممارسة مهنته بكل حيادية ومهنية في ظل مختلف الظروف، التي قد تواجهه ومن بين تلك المهام التي تتوجب علينا العمل بجدية هي موضوع علاقة المهنة الاعلامية وتداخلها مع جريمة الرأي والنشر وما لها وماعليها، في ظل المسؤولية الاجتماعية وعلاقتها بموضوع الامن المجتمعي، اضافة لكون اعتبار هذا الموضوع كمساند فعال يقوم به الدور الاعلامي للشرطة وبقية الاجهزة الامنية للمساعدة وتذليل الكثير من الصعاب، ولأن المواثيق والقوانين الخاصة بموضوع جريمة النشر والرأي، قد عالجت تناول وسائل الاعلام لاخبار الجرائم، ورغم أننا قد وجدنا هذه الحقبة بأن هنالك ضعفا واضحا في التزام العاملين من وسائل الاعلام بقوانين وضوابط الشرف المهنية الخاصة بالاعلام، باعتبارها القواعد الاساسية التي ترشد الاعلامي المهني للالتزام وممارسة مهنة الاعلام بشكل سليم، ونجد هذا الاختلاف والضعف في ما يخص هذا الموضوع بسبب عامل مهم، وهو أن الكثير من العاملين في المجال الاعلامي غير مؤهلين للعمل في مثل تلك المهنة الرائعة والجميلة والمسؤولة، بالرغم من صعابها ومخاطرها ولاسباب ايضا تخص عدم ادراكهم لحجم المسؤوليات، وعدم الكفاءة وعدم زجهم في الكثير من الدورات التي تخص الجريمة والقضايا 
الامنية. 
وإن أغلب قوانين المطبوعات ومسؤولية النشر والراي لم تضع قوانين صارمة تتعلق بالاعلام عن الجرائم، وهذا الامر يركز في اطار تعامله مع القضية وما يخص الضوابط القانونية في طريقة، ووقت نشر اخبار الجرائم على العدم من نشرها، خصوصا ما يخص وقائع التحقيقات وفترة ما قبل صدور الاحكام التي تخص بعض الجرائم الكبرى ذات الصدى الاعلامي الكبير والتي قد تؤثر في المجتمع، من خلال التشهير والنشر بقصد وعمد، لتخلف أضرارا كبيرة اتجاه الجهة المقابلة والتي طالها موضوع التسقيط الاعلامي، والذي من الصعوبة محو تلك الاثار بغض النظر عن أن الجهة، التي تمَّ تسقيطها والنشر ضدها وتأجيج الرأي العام عليها بريئة ام مدانة، ومجمل الامور التي تعدُّ من المحظورات في النشر والراي، كجريمة في مجال مهنة الاعلام هي بشكل خاص حسب ما جاء في القانون العراقي من تسبب بزعزعة للدولة بشكل عام والمساس بها، اضافة لموضوع النعرات الطائفية المقيتة والتهجم على الحريات الشخصية والنصب والاحتيال بتضليل المجتمع. لذا على مهنة الاعلام ان تؤدي رسالتها بشكل حيادي ومهني واكاديمي بما كفله الدستور العراقي والقانون ومواثيق الشرف المهني والامانة والصدق وآداب المهنة وتقاليدها، بما يضمن للمجتمع القيم والمفاهيم التي عرفها وعاش 
عليها.