المجتمع الجماهيري

آراء 2022/02/06
...

  ريسان الخزعلي
 
في أدبيات التداول السياسي والاجتماعي، يرد استخدام مصطلح/ المجتمع الجماهيري/، وتبعاً لهذا الاصطلاح توصف بعض المجتمعات بأنها جماهيرية والأخرى ليست جماهيرية. من هنا وضع معجم علم الاجتماع المحددات لكلا التوصيفين. فالمجتمع الجماهيري توصف به المجتمعات الديمقراطية الحديثة، التي تعطي الحق للجماهير في التعبير عن أفكارها حول الامور والمشكلات التي تواجهها خلال حياتها. ومثل هذه المجتمعات تتمتع بمزايا متعددة، منها: التنمية الحَضرية الضخمة، الادارة الشاملة التي تدخل في جميع مؤسسات المجتمع، التصنيع الواسع.. الخ.
إنَّ علماء الاجتماع الذين يستخدمون اصطلاح المجتمع الجماهيري، يهتمّون بدراسة العلاقة بين الفرد ومجتمعه ومقدار حريته ومديات ادراكه لبيئته الاجتماعية وتقييمهُ لها، وقد أوجدوا فكرتين توضحان المزايا التي يجب أن تتوفّر في المجتمع الجماهيري. الفكرة الأولى تؤكد ضرورة توفّر الكرامة الانسانية التي يعتمد وجودها على التكيّف الاجتماعي والاعتدال، بينما تؤكد الفكرة الثانية على الحريات الواسعة التي تُعطى للجماهير، بحيث تجعلها تعتقد برأي واحد يُسبب وحدتها وتماسكها. ورغم الاختلاف بين الفكرتين، إلا أنَّ العلماء يتّفقون على أنَّ المجتمع الجماهيري يتميّز بوجود الحركات الايديولوجية، التي تؤسس لظهور نخبة خلّاقة تقود المجتمع وتحافظ على سماته الحضارية شريطة أن تكون هذه الايديولوجيات بعيدة عن التطرّف بكل أنواعه ومظاهره.
إنَّ وجود النخبة أو النُخب لا بدَّ أن يكون فاعلاً وقادراً على منح الجماهير المساهمة في اتخاذ القرارات المهمّة، والمشاركة في الاستفتاء حول القضايا المصيرية كي تضمن بناء المجتمع الجماهيري وتبعدهُ عن مصادر القلق وعدم الطمأنينة. 
ولا يفوتنا أن نذكر بأن الدراسات الاجتماعية التي استخدمت مصطلح المجتمع الجماهيري في تفسير الظواهر المجتمعية، قريبة من الدراسات السياسية والسيكولوجية. من هنا، يكون الأمل وطيداً في أن نولي اهتماماً كبيراً بهذه الدراسات من أجل أن يكون لنا مجتمع جماهيري من أجل حياة أرقى ووجود
 أنقى.