روبي كور.. شاعرة الانستغرام الشابة التي تبيع الملايين من كتبها

ثقافة 2022/02/06
...

  رومان ألام *
  ترجمة: محمد تركي النصار
الشاعرة الكندية الشابة روبي كور التي  نشرت كتابين: حليب وعسل عام 2015، و(الشمس وأزهارها) عام 2017 تعرف أكثر من معظم معاصريها كيف ستقرأ أجيال المستقبل. شعر كور الممتع البسيط هو امتداد للمعارف والتجارب الكلاسيكية لكنها تتميز باستخدام خاص للمفردات.
 
تغلب على قصائدها نزعة الاعتراف والسلوك الجاد، المسالم، الزاخر بالمشاعر، قصائد يمكن رفضها ببساطة، غير أن كير الشاعرة التي يقترب عمرها من الثلاثين هي بنظر العديدين كاتبة هذا العقد.
شخصيا لست من متذوقي شعر كور التي كتبت في (الانكسار):
هل اعتقدت بأنني مدينة واسعة 
تكفي لإشباع الرغبة بالانفلات 
في عطلة نهاية الأسبوع؟ 
لا، أنا الضاحية التي تحيط بتلك المدينة 
التي لم تسمع بها أبدا
لكنك تمر جوارها دائما.
 
بعيدا عن التكلف الظاهر في استخدام الحروف الصغيرة، أرى المجاز الغامض – فكيف للمتحدثة في القصيدة أن تكون ضاحية؟.
أبعد من ذلك، فأنا لست من مناصري استخدام خطوط الرسم (التي تبدو فناً غريباً) وهو ما تكثر كير من اللجوء اليه. 
لكن منجز الشاعرة هو المدى الذي تلتئم فيه أعمالها الشعرية من حيث الشكل، إنها التكنولوجيا التي تطغى على الحياة المعاصرة: التلفونات الذكية والانترنت، (قد تقول الشيء نفسه عن الروايات التي صارت اليوم كلاسيكية والتي كانت تنشر على شكل حلقات في الصحف).
لكنني أرد بالقول بأن معظم الكتاب الذين يعدون الأهم في العقد الماضي كتبوا بتضاد مباشر للتأثير المنتشر للانترنت، كارل أوف، كنوسكارد، ريشل كسك، وبن ليرنر (ذاكرين ثلاثة فقط من أفضل كتابنا) وهم مولعون بالوعي المتناظر بوصفه مصفاة نرى من خلالها العالم، فاذا كنت تعتقد بأن تجارب هؤلاء هي الأهم خلال السنوات العشر الأخيرة، فهناك من سينظر اليك على أن أفكارك صارت قديمة.
  ولدت كور في عام 1992، وكان عمرها خمسة عشر عاما عندما ظهر الآي فون لأول مرة، ومعظم قرائها لم يعرفوا النضج من دون تأثير هذه الأدوات.
 في الانستغرام تنشر كور كتبها فضلا عن صورها ورسوماتها، وقد باعت من كتبها أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسخة، وهو رقم مذهل لأي شاعر خاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار بأن عدداً من هؤلاء لم يتمكنوا من امتلاك واحد من هذه الكتب ورقيا.
صحيح أن الشهرة بشكل عام لاترتبط دائما بالمعيار الفني، غير أن حالة كور هي غير عادية فعلا، وحقيقة ان عملها قد ينهار اذا طبقنا عليه الدقة النقدية التقليدية ليس هو الموضوع الأساس هنا.  العديد من القراء سيظلون يعتقدون للأبد بأن كور هي الشاعرة الأولى التي أغرموا بشعرها، وحتى اذا اتفقنا على حقيقة أنهم يعلون من شأنها على أنه أمر واقع لا محالة، فإنني شخصيا لم أعد أطيق سالنجر، أو كيرواك أو اوستر ومعظم الكتاب الذين أعجبت بكتاباتهم عندما كنت قارئا شابا، فأبيات ديوان حليب وعسل ستبقى نصوصا ذائعة الى وقت طويل.  إنه موضوع مختلف من ثقافة البوب شأنها شأن أجمل أربعين أغنية أو مسلسل كوميدي، إنه رداء الشاعر الذي يمنح لكور نوعا من الشرعية، و لكن بالنسبة للشعراء الذين يعرفون بشكل أوسع عن الشعر قد يعتقد بعضهم بأن شعر كور سطحي، فيما ينظر اولئك الذين كانت كير الشاعرة الاولى التي تعرفوا عليها في وسائل التواصل هي الشاعرة الأعمق، ولايهم اذا لاحظت بأن الشاعرة تستخدم عناوين شعراء آخرين مثل ستيفنز، فقد استحوذت الشاعرة على تلك العناوين لنفسها وهي تستحق ذلك.
تفهم كور بدهاء بأننا نريد التكنولوجيا، وفي هذه الحالة الكومبيوتر المؤثر جدا لربطنا مع ناس حقيقيين، وهي تستخدم شعرها ورسومها، وصورها لتقدم لنا تجربة شخصية مختلفة.
 بالنسبة للقراء (المتعالين) من أمثالي قد يبدو أمرا سهلا أن نرفض ماتقدمه كور باعتباره نوعا من الادعاء والتظاهر أو الأداء التمثيلي، وهذا مايعكس نوعا من الانقسام بين الأجيال، لكن اليس بإمكانك أن تتخيل آنا سيكسون تأخذ سيلفي، أو اليزابيث بيشوب تنشر سنابشوت للبحر. لقد دربتنا التكنولوجيا على أن نقرأ بشكل مختلف، وهو الأمر الذي بدأ يغير الأدب بالمقابل.
كتاب (الكتاب الصارخ) وهو ليس كتابا أدبيا لمؤلفته هيذركرستل التي هي شاعرة أيضا مكتوب ومنظم على شكل مقتطفات نصية، وليس متماسكا كجدل يفرض تأثيره بشكل غامر ويشبه عملية تصفح 
الانترنت التي يمكن أن تستمر الى ما لانهاية.
بامكانك أن تعلن موت الجملة الرابطة اذا أردت، وبامكاني أن أتوقع الكثير الكثير من هذه الكتابات المشابهة.
لقد اجبرت على قراءة روبرت فروست عندما كنت طالبا وفهمت الشعر بأنه متعة مجازية، لكن القراء الشباب يريدون أن يتفاعلوا مع شعر كور الذي يريدونه مختزلا، وهم قد يتذوقون فروست لكنهم أيضا يريدون منشورات في الانستغرام عن تلك الغابات في المساءات المثلجة التي تستطيع كير ومن يأتي بعدها تقديمها.
تستخدم الشاعرة أدواتها الخاصة، تلفونها، جسدها، وجهها (وهي جميلة بشكل لافت) وكذلك تخطيطاتها والعديد من القراء الأميركان يعدون الشاعرة الشابة الهندية الأصل هي الشاعرة الأهم الآن، وحتى اذا لم يكونوا على حق فهي تمثل ظاهرة فريدة تستحق التوقف عندها والتفكير بحال الشعر وتحولات أذواق القراء خلال هذا العقد والعقود المقبلة. 
 
* كاتب وروائي أميركي 
عن موقع نيو ريببلك