قـــرار الـــدولــــة

آراء 2022/02/09
...

 بشير خزعل 
 
صار واقع الكهرباء مشكلة تتخطى جميع الحلول الترقيعية، التي حاولت الحكومات تذليلها بطرق ووسائل كثيرة، 
لم ينتج عنها سوى اتساع رقعة الفساد وكثرة المنتفعين واللاعبين في ملعب الوزارة منذ اكثر من 18 عاما مضت، أرقامٌ خيالية نسمع عنها وتكاد تشكل ميزانية لدول صغيرة قريبة منا كالأردن ولبنان وسوريا، وللخروج من دوامة الحجج والاعذار والتبريرات التي تتفن بها القائمون على واقع الكهرباء والمدافعون عنها، حتى وصلوا الى درجة المظلومية لأن الميزانية لم تقر ولم يستلموا فلسا 
واحدا.
وكأنَّ المشكلة وليدة هذه السنة فقط، وبغض النظر عن مشاريع الربط والتجهيز وغيرها من المسكنات الاخرى، يبقى اصل المشكلة هو معضلة دولة لا تملك القرار في أن تنهي معاناة شعب وتتخطى الشكليات، التي يتوقف عندها الأغلب الأعم من مسؤولين تعاقبوا على ادارة ملف الطاقة في البلاد.
في مصر كانت هناك مشكلة تخصُّ الطاقة وضعف تحهيز الكهرباء، لم تدم اكثر من ثلاث سنوات، اذ بادرت الحكومة المصرية لتلافي هذه المشكلة بحلول آنية عاجلة للتخفيف عن المواطن المصري، كما ووضعت خططاً وستراتيجات للقضاء على هذه الأزمة نهائياً.
فقد بادرت إلى التعاقد مع شركات عالمية أوروبية وروسية وصينية وكان من بينها شركة سيمنس الألمانية، وأنشأت مصر أكبر مزرعة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم في الأقصر، وتعاقدت مع روسيا على بناء ثلاث محطات نووية لإنتاج الطاقة في منطقة الضبعة، وتعاقدت مع الصين لإنشاء محطات للطاقة لكي تغطي ليس فقط الاستهلاك المنزلي والمدن والمجمعات السكانية الجديدة، بل وتغطي الصناعة والزراعة والمناطق الاستثمارية الجديدة في الإسماعيلية وبورسعيد وسيناء، وهو ما أطلق عليه محور قناة السويس، وأنشأت موانئ ومناطق حرة جاذبة للاستثمار، ولتوفر لكل هذه الأنشطة التسهيلات الإدارية والفنية والطاقة 
اللازمة.
وقد تمَّ إنجاز العديد من تلكم المحطات وباشرت في الإنتاج، كل هذا الإنجاز في قطاع الطاقة تمَّ خلال أربع سنوات فقط وبافتتاح 8 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية دخلت الإنتاج الفعلي، في نهاية العام القادم ستصل مصر إلى الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية.
ليس فقط لمواكبة الاستهلاك المنزلي والتزايد السكاني، بل ولتغطي حاجة المدن والمجمعات العمرانية الجديدة في جميع المحافظات، والتي بلغت نحو مليون ونصف المليون وحدة سكنية حتى نهاية العام القادم، ناهيك عن العاصمة الإدارية 
الجديدة.
في العراق ما زلنا بعد 18 عاما، نتحدث عن الغاز الايراني وضعف التجهيز والمحطات المتهالكة وقِدَم شبكة التوزيع والتخصيصات المالية، التي يؤدي غيابها الى تكدر وجوه المسؤولين في الكهرباء، لم يعد الترقيع ممكنا في تخدير واقع الناس، الكهرباء مشكلة دولة، يجب أن تخرج من يد وزارة الكهرباء والقائمين عليها، ولنفعل ما فعلته مصر 
على الأقل.