القيادة ودورها في بناء الدولة

آراء 2022/02/12
...

 اياد مهدي عباس 
 
في ظل المتغيرات العالمية الجديدة وفي ذروة الصراع القائم بين الأقطاب الكبيرة حول التسلط والهيمنة العسكرية والاقتصادية والسياسية على العالم، أصبحت مهمة قيادة الدولة مهمة معقدة وليست بالسهلة، كما يتصورها بعض السياسيين الطامعين فيها او بعض الهواة الراغبين في اختبار حظهم وقدراتهم في ممارسة حكم البلاد.
فمن المعلوم والمؤكد أن مصير الدول وكذلك الشعوب أصبح رهن قياداتها وحكامها، حيث استطاعت الكثير منها بفضل ادارتها الناجحة وقيادتها الواعية أن تتحول الى دول متقدمة صناعياً واقتصادياً، رغم قلة مواردها الطبيعية وامكاناتها المحدودة، بينما في المقابل هنالك دول غنية تحولت الى دول فقيرة ومتخلفة، بسبب سوء ادارتها وقلة خبرتها في ادارة شؤون الدولة.
ففي عصرنا الحالي ثمة شواهد عالمية كثيرة تتحدث عن مسيرة النجاح والتقدم، الذي حققته بعض الدول خلال فترات زمنية قياسية، حيث تمكنت من الانتقال من حالة الجمود والتخلف الى حالة الازدهار والتطور، بفضل قياداتها الواعية والرشيدة ومن بين هذه الدول التي حققت منجزات كبيرة ومعجزات في ادارة الدولة هي الصين وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية وتشيلي وفيتنام وتركيا وغيرها من الدول الاخرى، التي أصبحت اليوم قوة اقتصادية عالمية يشار اليها بالبنان بعد أن كانت من الدول الفقيرة والمغمورة، لهذا تعتبر القيادة الناجحة هي من أهم الأسباب والعوامل، التي تساعد الشعوب والدول في عملية التحول والانتقال الى البناء السياسي والاقتصادي الناجح، خصوصا اذا كانت الدولة تمتلك بعض المقومات التي تساعدها في اعادة بنائها الاقتصادي والاجتماعي.
فمن الضروري أن تتوفر مؤهلات كافية لمن يتصدى لقيادة الدولة وان يكون قادراً على استيعاب المتغيرات الداخلية والخارجية والتعامل معها بروية وحكمة بالغة، واتخاذ الخطوات الصائبة لحل المشكلات التي تواجه مسيرته السياسية، وأن يبتعد عن القرارات الشخصية غير المدروسة كي يتجنب المنزلقات الخطيرة التي تهدد أمن وسلامة البلاد. 
 لذلك أصبح تقييم الدولة في عصرنا الحالي  من حيث اهميتها ومكانتها يعتمد على مدى استقرار النظام السياسي والاقتصادي فيها ومقدار تقدمها في المجالات الحياتية المختلفة ودرجة رفاهية شعوبها، فلم يعد تقييم الدولة على اساس مساحتها وموقعها الجغرافي او على أساس حجم النمو السكاني فيها او عمقها الحضاري، بل اصبح المقياس الحقيقي هو مقدار ما تحققه هذه الدولة او تلك من تقدم وابداع في المجالات العلمية والتكنولوجية والارتقاء بمفاهيم حقوق الانسان وما تصدّره من فائض صناعي وزراعي، يكون عنواناً لتقدمها وشاهداً على دورها الفعال في بناء الحضارة العالمية الجديدة. 
فعبارة صُنع في.. او زُرع في..  أصبحت هي التي تمثل هوية الدولة ومكانتها بين الدول الاخرى. 
ومن الأهمية بمكان أن تكون للشعوب دور مهم في تعزيز هويتها الثقافية وكيانها السياسي،  بالصورة التي تعكس مدى ارتباطها الوثيق بمسيرة التطور العالمي ومواكبتها لعجلة التقدم والازدهار. 
 ففي عصرنا الحالي نرى الكثير من الدول التي تشغل مساحات كبيرة، ولها موقع جغرافي مهم ومقومات كثيرة تؤهلها أن تصبح من الدول الرائدة، الا انها ما زالت تعد من الدول النامية او المتخلفة بسبب سوء ادارتها وجهل قياداتها في ادارة شؤون الدولة، لذا من الضروري في عملية البناء والنهوض أن تكون الشعوب على درجة كافية من الوعي، كي تتمكن من اختيار من يقودها ويمثلها بشكل صائب، ويضمن لها عملية التحول السياسي والاقتصادي
 السليم.