ولادة الإرهاب من رحم التطرف

آراء 2022/02/12
...

 غازي فيصل 
 
بعض  الآراء التحليلية التي تنظر الى بروز ما يسمى بالصحوة الدينية على المستوى العالمي بعد منتصف القرن الماضي،وتحديدا في أعقاب الحرب العالمية الثانية هو الانحسار الذي تعرضت  له الايديولوجيات الكبرى وتعرضها للنقد، الذي يرى أن هذه النظريات قد استنزفت امكانياتها وعجزت حتى عن تحقيق أهدافها الاولى، بل دخلت في مسار حرف التاريخ عن مساره وأدخلت البشرية في متاهة من الضياع والمواجهات، اما المساحة الفارغة فقد شغلها الدين بكل تجلياته وواحد من هذه التجليات هو التطرف، ولهذا الأخير مبررات سوف نتابعها واحدة بعد الأخرى وضمن مجموعة من الاشكال.
عندما نفتح ملف تطور الارهاب وتسليط الضوء على جذوره وصناعته، التي حصلت في أواخر السبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، تلك الاحداث مفصلية في تاريخ تشكيل الارهاب، تكشف لنا أن المنطقة دخلت آنذاك في حالة استسلام وغيبوبة ثقافية، ولكن لا بد من الاشارة التي سمحت للتطرف والتشدد بالتوغل والتمدد والانتشار.
يجب ألا ننسى أن عملية تغذية التطرف الديني حدثت في ظروف دولية وأسهمت في توظيف العاطفة الدينية وتكريسها لأنها مؤثرة.
عملت في فترة معينة على غض النظر عن تمدد فكر المتطرف والمتشدد، لدرجة أن التشجيع على نشر أدبيات الفكر الجهادي والاصولي في ثمانينيات القرن الماضي وكان يحظى بتأييد ودعم اقليمي ودولي.
شكل الاحتلال السوفيتي لافغانستان وتمدد الاحزاب الشيوعية واكتساحها مساحات كبيرة. وزحفهم الأيديولوجي والسياسي وامتداد نفوذهم داخل المجتمعات ودول اميركا الجنوبية والشرق الاوسط عقب الحرب العالمية، وفي ظل الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، هذه شكلت صدمة مما دفع الاميركان بكل ثقلهم في التهيئة اللوجستية، لجعل الاسلام المتطرف والمتشدد المتمثل (بحركة طالبان) أحد أسلحته لضرب الاتحاد السوفيتي وتقليص نفوذه العسكري والايديولوجي، وكذلك لحماية مصالحهم ومخططاتهم الستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي،  ما زال الارهاب مستمرا، ولديه سجل دموي حافل بارتكاب العنف المفرط وأخذ يتطور بعد أن تطورت أدوات العنف واساليبه تطورا تقنياً، وقد شكل هاجس خوف وقلق يثير الرعب، لأنه لا ينهج حرباً نظامية، لكنه ظاهرة معقدة وخطيرة، بل اخطر واعقد المشكلات، التي تواجهه البشرية، وأخذ يشكل تحدياً على الامن الوطني والسلم الاجتماعي.