الديمقراطية وأخطاء التأسيس

آراء 2022/02/13
...

 حسين علي الحمداني
 
مع كل دورة انتخابية ندخل في طرح عددٍ من الأسئلة على بعضنا البعض، ونظل نتابع الحوارات عبر الفضائيات من لحظة إعلان النتائج حتى الجلسة الأولى، وهذه الفترة تستغرق وقتا طويلا بسبب السجالات السياسية من جهة، والبحث عن تفسيرات قانونية من جهة ثانية، وبالتالي أصبح من الطبيعي أن نرى الكثير من التشوهات، التي تظهر على العملية السياسية في العراق والسبب في ذلك تتمثل في أخطاء التأسيس، التي جعلت من الأعراف بديلة للدستور ومن الصراع على السلطة، بديلا عن التبادل السلمي لها. وكذلك الكثير من الفقرات الدستورية التي كل جهة تفسرها بما تشتهي سفنها.
وبات من الضروري جدا للنخب السياسية التي ظلت مهيمنة على المشهد في العراق أن تسعى للحفاظ على الأعراف، التي بُنيت عليها مسارات تشكيل الحكومات السابقة والتي تتمثل بالمحاصصة الطائفية وإن اختلفت التسمية. هذه التقاليد التي تعني أحيانا كثيرة إن الغاية من المشاركة في الانتخابات ليس الإيمان بالديمقراطية، بقدر ما إنها إطار يمكن من خلاله الوصول للسلطة التنفيذية، وهذا الأمر يشمل جميع القوى السياسية طالما إن عملية التأسيس ما بعد 2003 وضعت هذا السيناريو، وطالما ما زلنا نستخدم مصطلح (الكتل الفائزة)، وهذا الأسلوب جعل من مسألة وجود معارضة برلمانية أمرا لا يمكن حصوله في المشهد العراقي، خاصة أن الدورات الأولى للبرلمان العراقي شهدت مشاركة الجميع في السلطة التنفيذية، مما رسخ القناعة لدى الكثير من السياسيين العراقيين بان الحصول على مقعد واحد يكفي لتشارك في الحكومة، ولعل هذا بحد ذاته جعل عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات يتصاعد عددها دورة بعد أخرى، ما أدى لهذه التشوهات الكثيرة، خاصة أن الكثير من هذه الأحزاب تظهر وقت الانتخابات ثم تختفي بعدها. 
هذا يجعلنا نفكر مليا كيف نتجاوز أخطاء التأسيس؟ تلك الأخطاء التي جعلت العملية السياسية كثيرة التعقيدات، الحل يكمن بأن تكون لدينا أحزاب بقيادات تحمل أفكارا جديدة، بعيدة عن السائدة في الساحة العراقية وأن تكون عابرة للمناطقية والطائفية، وأن تؤمن بإن الديمقراطية تعني حكومة منتخبة ومعارضة برلمانية هي الأخرى منتخبة.
هذا ممكن أن يحصل في ظل وجود وعي مجتمعي يتطور دورة بعد أخرى وقادر على إنتاج طبقة سياسية جديدة إذا ما توفرت عوامل ولادتها، وأبرزها تفعيل قانون الأحزاب وتطوير قانون الانتخابات الحالي نحو الأفضل، خاصة أنه أثبت نجاحه بنسبة عالية جدا في إيجاد تمثيل حقيقي للمحافظات والأقضية في عموم العراق، والعامل الثالث القضاء على الفساد والحفاظ على المال العام، الذي عادة ما يستخدم من قبل الكثير من الأحزاب في مواسم الانتخابات، سواء عبر حملات التبليط للشوارع أو ملف التعيينات وغيرها من الأمور التي يعرفها الشارع العراقي جيدا.