على الرغم من ترسُّبات الحروب الكتابة العراقيَّة مشغولة بالحب

ثقافة 2022/02/14
...

 استطلاع: صلاح حسن السيلاوي 
 
ما طبيعة النصوص التي يكتبها العراقيون عن الحب؟ن أهي كتابات صافية من شوائب الحياة ومراراتها؟، ما شكل المرأة وعمق روحها في القصائد؟، ما لون حبها ومدى رشاقة خطواتها في المعاني؟، بم تتميز كتابة الحب في بلادنا؟، ماذا عن العنف وترسباته بين سطورها؟، أين هي من مثيلاتها في العالم العربي؟ 
الشاعر أحمد الشطري تحدث عن موضوعة الحب في العراق  مشيرا إلى أنها تشكل ثيمة أساسية في تجارب أغلب الشعراء وربما كلهم، لافتا برأيه إلى اختلاف كل شاعر بأدواته وطريقة تعامله مع تلك الثيمة.
وأضاف قائلا: لا شك أن كل المواضيع التي يتناولها الشعراء تخضع للمؤثرات التي تحيط بالشاعر، وقد تسهم تلك المؤثرات في تشكيل بنى أسلوبية لدى الشاعر بل ربما تعمم تلك البنى على الشعراء الواقعين تحت ظروف تلك البيئة، أو تلك المؤثرات سواء كانت زمانية أم مكانية، ولو نظرنا في نتاج شعراء العربية كلا على وفق بيئته لوجدنا أن ثمة تباينات في البنى الأسلوبية لكل بيئة بصورة عامة ولكل شاعر بصورة خاصة. فالبنى الأسلوبية لدى الشعراء الشاميين، غير التي عند العراقيين وهي غيرها عند المصريين، ويمكن أن نقول إن شعر الشاميين يمتاز بمفرداته وصوره التي تتسم بالرقة والسلاسة. وقال أيضا: بينما تجد في مفردات وصور وتشبيهات الشعراء العراقيين نوعا من الخشونة والصلابة، بينما تمتاز قصائد الشعراء المصريين بالوسطية. وقصائد الحب لدى أغلب الشعراء المعاصرين لا تخلو من رواسب الحياة والصراعات التي تواجههم يوميا، ولذلك تجد أن المفردات والصور والتشبيهات غالبا ما تكون محملة برواسب العنف أو نتائجه. لأن الشاعر لا يستطيع أن يتخلص من تلك المشاهد التي تحيط به حتى وهو يتحدث إلى حبيبته. وربما شكلت مشهدية العنف نسقا ثقافيا مهيمنا يتسرّب إراديا أو لاإراديا إلى البنية الأسلوبية للنصوص الشعرية.  
الشاعر عقيل أبو غريب يرى أن كتابة الحب في العراق، بكل مستوياتها الشعرية والسردية، تخضع مضطرة لواقعها المزدحم بالموت والعنف وتتأثر به، تتأثر كتأثر اللغة اليومية بذلك، فكل متفحّص لطبيعة اللغة المتداولة بين شرائح المجتمع سيجد ارتفاع منسوب الحزن والدمع فيها واضحا، كل هذا يؤثر بشكل طبيعي على كتابة الحب، فالشاعر او السارد العراقي الذي يتناول موضوعة معنية بالحب، يختلف كثيرا عن غيره فهو غالبا يتناولها بحزن ويستثمر مفردات تدل على ذاته المشحونة بالألم والمزدحمة بالمرارة بينما تجد من يكتب للحب في بلدان أخرى يكتب بسلاسة وشفافية ووضوح خالٍ من مفردات الموت والحزن والألم غالبا. وأضاف: وعلى الرغم من كل ذلك فالعراقيون صناع حياة من طراز خاص، وهم قادرون على كتابة الحب بطريقة مهمة ومختلفة، ولهم في ذلك كثير من الكتابات التي لا تعد ولا تحصى. 
الشاعر عباس حسين تضمن رأيه سيرة للأحداث التي جعلت من صوته الشعري محملا ببعض الألوان القاتمة التي تدل على حمولات الحزن والعنف في اللغة، وإن كانت لغة حب فيها، هو يقول موضحا: في مراهقتي أكثر من مرة يوقظني صوت مفخخة أو عبوة ناسفة، وأحياناً يسقط على وجهي بعض من محتويات سقف الغرفة أو شظايا زجاج الشبابيك، وهذا الأمر ينطبق على كل شعراء جيلي الذين عايشوا الوضع الدموي، علاوة على ذلك كل جيل عراقي له مأساته التي تميزه عن الأجيال الأخرى، ومن ثم أكسبته لغة خاصة، ناهيك عن طبيعة البيئة العراقية بشكل عام والتي بلا شك أثرت على اللغة والعبارات، فعندنا فيما لو أراد رجل أو امرأة التغزل بالحبيب، فتجده يستخدم الكلمات التي تدل على الموت والقتل والفقد، مثل/ أموت عليك/ اذبح نفسي لأجلك، إلهي يأخذ عمري إذا تركتك/... إلخ. والشاعر هو مرآة بيئته..!. وأضاف حسين قائلا: بعد هذه المقدمة البسيطة، حتما أن الشاعر العراقي ونتيجة لظروفه الخاصة، تحولت السكاكين والمفخخات والحروب والخوف والفقد لديه، من علامات خارجية إلى داخلية.