المخدرات وتحذير الأمم المتحدة

آراء 2022/02/16
...

  نرمين المفتي 
 
شاهدنا عشرات الأفلام المصرية عن المخدرات والتي كانت موجهة للمصريين الذين كانوا يحاولون مواجهة مصاعب الحياة، المادية خاصة، بالحشيش.. وبشكل وآخر، كانت تلك الافلام، الجيدة منها خاصة، إحدى أدوات الجهات المختصة في محاربة المخدرات من خلال اثارة الرأي العام. كانت نسبة التعاطي عالية جدا، لكن جهود الجهات المختصة وبضمنها الاعلام ومراكز علاج الادمان، تمكنت من تخفيض النسبة الى  2.4 ٪ فقط في 2021.. ولا تزال القنوات المصرية الرسمية والخاصة تبث سپوتات سريعة وصادمة عن اضرار المخدرات على مستقبل المتعاطي ويومه. 
ولا تزال وزارة الصحة المصرية تفتح مراكز لعلاج الادمان في كل أنحاء مصر.
أين نحن من مواجهة المخدرات؟ لا أدعي أنني مشاهدة جيدة للقنوات التلفزيونية العراقية، لكنني أتابعها في الأقل في نشرات الأخبار بعض البرامج، ولم ألحظ اي سپوت او حتى فواصل مكتوبة عن آفة المخدرات واضرارها المميتة سواء ماديا او معنويا وتسببها في التفكك العائلي وارتفاع نسبة الجرائم، وبالتالي تسببها في التفكك المجتمعي وارتفاع حوادث الانتحار ونسبة 
الجريمة. 
بل لم أشاهد تقارير، المفروض اسبوعية إن لم تكن يومية، على هذه القنوات، وبل مرة اخرى ان البرامج المخصصة للجرائم، وغالبا جرائم القتل، لا تتناول جرائم المخدرات الا نادرا.. إن محاربة المخدرات ليست مهام الشرطة والاجهزة الامنية والتي تقوم بتفكيك العصابات ومطاردة التجار والموزعين والمتعاطين ودائما نسمع ايضا أن هناك شهداء من عناصر الشرطة في المواجهات وبإصرار تبدو هذه الأجهزة وكأنها وحيدة في هذه المواجهة المريرة التي لا تختلف عن مواجهة الارهاب.. ويحق لنا أن نتساءل إن كانت اية جهة مختصة قد انتبهت الى التقرير الخاص بالعراق لمكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بعد زيارة ميدانية في 2005، والذي عبرت فيه الأمم المتحدة عن مخاوفها أن يتحول العراق من ممر للمخدرات الى التجارة بها، وبالتالي الى دفع الكثيرين الى الادمان وطالبت في التقرير نفسه أن يتم تعديل القوانين العراقية النافذة والخاصة بتجارة المخدرات وتعاطيها، وهذا الطلب لم يتحقق الا في 2017 بعد أن فعلت المخدرات ما فعلته وصدر القانون رقم 50 لسنة 2017 وتأسست الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي تنظم الندوات عن مخاطر انتشار المخدرات في المجتمع في الجامعات والمدارس وأكيد لن تظهر النتائج بين ليلة وضحاها، لأن كل هذه النشاطات المطلوبة بدأت بعد ان اصبحت المخدرات آفة. ولا بأس من الإشارة الى بيان مجلس القضاء الاعلى الذي نقل عن قاضي محكمة تحقيق المسيب في بابل نبيل الطائي قوله إن "نسبة الإدمان قد تصل الى 50 ٪ بين الشباب، لكن هذه الامر غير مكتشف بشكل رسمي"! 
واشار الطائي ان الذين يعملون بتجارة المخدرات ويروجون لها موجودون في كل مكان " لكن نستطيع القول ان 
حوالي 70 ٪ منهم في الاحياء الفقيرة والمناطق التي تكثر فيها البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية".. إذ إن مواجهة ارهاب المخدرات تتطلب حلولا جذرية لمكافحة الفقر خاصة مع خطط الامم المتحدة التي تؤكد أن القضاء على الفقر بجميع اشكاله هو من اولويات الاهداف السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة لسنة 2030.. 
ويحق لنا أن نسأل اين هي الخطوات المعلنة لمكافحة الفقر وتحسين الاوضاع الاجتماعية والسكنية للذين تحت خط الفقر وعند مستوى خط الفقر والتي تشكل أهم خطوة في مواجهة المخدرات.. وطبعا هناك خطوة مهمة أخرى وهي مراكز معالجة الادمان وفي تقرير صحفي عن المخدرات في العراق نشرته الاندبندنت عربية في 6 كانون الثاني 2022 نقرأ " أن الدولة العراقية تفكر لأول مرة منذ تأسيسها في فتح مراكز ووحدات خاصة لمعالجة الادمان".. (تفكر)، تُرى كم سيطول التفكير بينما المخدرات تنتشر بشكل مروع؟ لذلك أقول لو كانت الجهات المختصة انتبهت الى تقرير الامم المتحدة 
في 2005 .