شروق ماهر
عرفت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى مدينة الاطياف والمكونات المجتمعية بجميع ألوانها التي تضم أطياف الشعب العرقية والدينية، فعلى أرضها يعيش عربا وكردا وتركمانا من المسلمين والمسيحيين والأيزيديين والشبك وصابئة، والعديد من مكونات الشعب العراقي والذي يمتد جذورها منذ آلاف السنين.
وشهدت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى عند اغتصابها على يد عصابات داعش الارهابية، نزوح اكثر من مليون ونصف المليون مواطن من مختلف الأطياف والمكونات المتواجدة في محافظة نينوى من مجموع اربعة ملايين نسمة، نازحا الى العاصمة بغداد والمحافظات العراقية شمال العراق، وعادت اغلبها الى مناطقها بعد اعلان تحرير الموصل من قبضة داعش.
100 أسرة مسيحيَّة
الحكومة المحلية في محافظة نينوى قالت بان «المحافظة عادت مجددا لتحتضن جميع مكوناتها العرقية والدينية، لتجتمع تحت سقف واحد بعيدة عن التهجير الطائفي القسري.
ويقول محافظ نينوى نجم الجبوري في تصريح لـ(الصباح) إن «اكثر من مليون نازح عاد مجددا من النزوح والتهجير الى مناطقهم في مدينة الموصل والوحدات الادارية، أغلبهم من المسيحيين والأيزديين والصابئة والشبك والتركمان والكرد على خلفية استتباب الامن في مدينة الموصل».
ويقول الاب رائد عادل مسؤول الكنائس في مدينة الموصل في حديث له خلال تصريح لـ(الصباح) أن « اكثر 100 أسرة مسيحية نازحة عادت الى مدينة الموصل تحديدا بعد تهجير قسري فرضته عصابات داعش على مسيحيي مدينة الموصل».
وبين عادل أن «اغلب الأسر المسيحية التي عات بعد استتباب الامن في مدينة الموصل قصدت ايمن الموصل والمدينة القديمة، بعد إعادة جزء من إعمار الابنية العمرانية المدمرة للاديرة والكنائس فيها».
سهل نينوى والعودة
من جانبه ذكر لنا القس عماد لوقا في سهل نينوى أن «أعدادا كبيرة المسيحيين المهجرين الى خارج وداخل البلاد عادوا مجددا الى مناطق نزوحهم، بعد عودة شمل جميع الطوائف والاقليات».
ويضيف أن أكثر من أربعة آلاف أسرة مسيحية مهجرة عادت الى مناطق سكانها من طوائف مختلفة منها الارمن والكاثوليك والسريان وغيرهم من الطوائف الاخرى».
مبينا ان «سهل نينوى لم يحتضن فقط عودة الطوائف المسيحية المهجرة لا بالعكس فقط أعادت الى مناطق سهل نينوى مئات الأسر الشبكية والايزيدية المهجرة والتركمان والكرد ايضا من سكان هذه المناطق، التي تضم قضاء الحمدانية وتلكيف ونواحي أبرزها القوش وقرقوش وبرطلة ايضا».
وأشار لوقا الى أنه «بهذه الاعداد الكبيرة استطاع سهل نينوى ومدينة الموصل من لم شمل جميع الاطياف والمكونات العرقية المهجرة حيث موطنهم الاصلي الأم».
تاريخ عريق
ويقول استاذ والدكتور التاريخ في جامعة الموصل احمد الجمعة في تصريح لـ(الصباح ) إن «مدينة الموصل العريقة تتميز بالوان اطيافها ومكوناتها العديدة التي عادت اليها ثانية، بعد نزوح وتفكيك وتشتت طال جميع أطياف هذا المكون، الذي عاش منذ آلاف السنين تحت سقف واحد في هذه المدينة وفرقته الحروب وعصابات الارهاب».
ويضيف جمعة إن «مدينة الموصل القديمة والطالة على الضفة الشرقية لنهر دجلة، تتميز بأنها ذات تاريخ عريق يرجع إلى خمسة آلاف، وقد سكنها الآشوريون، وأصبحت عاصمتهم من القرن 11 وحتى عام 611 قبل الميلاد، ثم سقطت نينوى العظمى بعد الآشوريين بيد الميديين والكلدانيين، الذين كانوا في أول قوتهم وعنفوانهم ولم يتفرقوا بهذاك الوقت، الا أن سقوط الموصل فرض تهجير اعداد كبيرة من المكونات والطوائف وفرقت شملهم حتى أن عادوا ولمَّ شملها ما بعد
التحرير».
من جانبها اكدت التدريسية الجامعية منى رياض في حديث لـ(الصباح) أن «سكان وأطياف نينوى عادوا الى مناطقهم المدمرة رغم وجود الدمار».
هزيمة وتحرير
وبدوره قال الناشط والصحفي الايزيدي خدر خلات في تصريح لـ(الصباح) أن «غزو واحتلال داعش سببَّ أذى كبيرا في نزوح وقتل الآلاف من الايزيديين والتهجير الى مناطق اخرى حتى خارج العراق، لكن اليوم عادت أعداد كبيرة من النازحين الايزيديين الى حضن أوطانهم بعد هزيمة عصابات داعش الارهابية عام 2017 وبعد تحرير بعشيقة وبحزاني على يد قوات المحررة، وباسناد من التحالف الدولي بدأ الايزيديون بالعودة لمناطقهم، وتحديدا سكان أهالي بعشيقة وبحزاني بشكل كبير، لكن هناك أعدادا قد لا تكون بالحجم الكبير في عودة اهالي سنجار، ونحن على أمل من عودة جميع ما تبقى من الاخوة الايزديين الى سنجار بعد الاستتباب الامني الكلي في
المنطقة».
ويرى الشاب الشبكي علي حسين (24 عاما) بان «سهل نينوى والموصل عادا مجددا ليحتضنا أغلب الأسر الشبكية، التي عادت جميعها بعد اعلان التحرير للمدينة العريقة ام الاديان والاعراق والطوائف نينوى، وعادوا ليتحضنوا ويلملموا شملهم مجددا في مدينة تغلبت على ظلم الارهاب بعد محاولة تفكيك عناصر داعش لهذا البيت الجميل، الذي يضم جميع الالوان والاطياف تحت سقف المحبة والاحترام والتاخي».