تعديل الدستور مسؤوليَّة تاريخيَّة

آراء 2022/02/17
...

   عبد الحليم الرهيمي
أن تعلن أعلى سلطة قضائية في البلاد أنه حان الوقت لإجراء تعديلات في الدستور العراقي لعام (2005)، باعتبار هذا العمل يمثل مسؤولية تاريخية تقع على عاتق المسؤولين المعنيين، انما يعني اقتحام أحد (التابوات) التي منع الاقتراب منها. 
 
وأنه أذا ذهبت المساعي لتعديل كل ما من شأنه أن يعدل من مواد الدستور المجمد الحديث عنها منذ نحو 17 عاماً، سيعني تطوراً مهماً وكبيراً في إحدى ركائز النظام السياسي وهو مرحلة التحول الديمقراطي 
المتعثرة.
لا شكَّ أن رئيس السلطة القضائية الذي دعا بكل أللقيام بإجراء التعديلات المطلوبة بالدستور، إنما استند الى المادة (142) من الدستور ذاته، التي تضمنت خمس فقرات كانت فقرتها الأولى عرجاء واستفزازية لقطاعات من المواطنين العراقيين، والتي نصت على أن اللجنة التي ستشكل للقيام بذلك تكون (ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي)، التي اصطلح عليها (بالمكونات الشيعية السنية الكردية) وذلك بدل القول تتكون من شخصيات قانونية مؤهلة ومختصة، وبالتالي يطرح السؤال الجارح والمهين وماذا عن بقية المواطنين العراقيين المنتمين لأديان ومذاهب واثنيات غير تلك الثلاثة؟!، الامر الذي يشير بأحد أوجهه الى أن كاتبي الدستور آنذاك لم يكونوا مؤهلين القيام بهذه المهمة الخطيرة وخطئها الذي استمر ولا يزال – لسبعة عشر عاماً.
ربما أراد رئيس السلطة القضائية الاشارة الى واحدة من المواد، التي تستوجب التعديل وتلاعبت السلطات التنفيذية في تفسيرها منذ العام 2010 واربكت الوضع الدستوري والسياسي واستمرت في الدورات 
التالية .
وعدا ذلك فثمة اكثر من خمسين مادة بالدستور نصت على أن تنظم بقانون، ولم يحصل ذلك. وثمة مواد أخرى تحرم الأجيال الجديدة التي يفترض أن لها اهتماماتها وهمومها ورؤيتها لدستور عصري مرن بتعبيرات قاطعة (لا يجوز، لا يجوز.. الخ). 
لقد أجاد وأحسن عملاً وقولاً رئيس السلطة القضائية عندما (اقتحم) الأبواب المغلقة من كتبوا الدستور وأخفوا أو أضاعوا المفاتيح كي تبقى مواده تعمل لصالحهم، أو تربك الوضع الدستوري والقانوني في البلاد وإن كان من دون قصد.
فليباشر القانونيون وذوو الخبرة والتجربة والحس الوطني العراقي الرفيع، لا التجزيئي – المكوناتي، للمساهمة الفعالة باقتراح التعديلات الضرورية للدستور الذي لم يعد ملائماً للمرحلة الراهنة.