سينما ومسرح بغداد في الواجهة

آراء 2022/02/19
...

 حسين الذكر
 
ظلت أثينا مصدر حضارة العالم منذ أكثر من ألفين وخمسمئة سنة، بل إنّ امتدادها وتاثيرها ما زالا فاعلين وظاهرين الى اليوم في تقسيم الحضارة وتفاصيل أهل الأرض على مقاسات تلك المدينة، التي أنُشئت فيها فكرة الفضيلة والعقل وحكم الفلاسفة. هناك كان للمسرح أثر بل بداية وحضور ينبئ عن قيمة ذلك الانسان وتلك المدة الزمانية المكانية الفكرية، التي بزغت منها الكثير من معالم الفكر ممن يدين لهم العالم الى اليوم.
(الجلوس في المسرح لمشاهدة مسرحية، يبعث فيك البهجة والسرور كما لو كنت في قاعة البرلمان). بيرسي بيش شيلي
المسرح والسينما وغير ذلك الكثير من مخرجات الامة الثقافية، هي أحد أهم أوجه التعبير الحضاري الانساني، الذي يجب أن يكون حاضرا في الأزمات، لا سيما عند اشتداد أزمة اجتماعية ثقافية فكرية لا تجد لها حلا، الا عبر إمكانية الخلق والإبداع الفكري الحر الذي يعتمد أساسا على إطلاق حرية التعبير. لذا تحرص الأمم والحكومات والأنظمة السياسية التي تعرف قيمة الأثر والمخرجات والتعبير الفني والوجه الثقافي للأمة قيمة السينما والمسرح وبقية المؤسسات
 المعنية. وقد عانينا في العراق منذ 2003 وحتى الآن من أزمة السينما والمسرح والفن، بل والثقافة عامة، ليس بسبب شخص معين او موظفين معينين. بل إنه توجه حكومة ونظام سياسي وطبقة نخبوية معرفية. تريد أن تحيل الإنسان الى اداة فاعلة في صنع القرار واعتجان فكر المجتمع مع ما يختلج في ضميره، وتشذيب معطياته بصورة تعبّر عن تاريخه وحضارته وأصله وواقعه والمثل الأجمل التي يريد أن تسود. نتمنى من الحكومة العراقية القادمة أي كان شكلها وأسماء ممثليها وقيادتها، أن تعي تماما قيمة الملف الثقافي في اعادة بناء الانسان، وأهم تلك الأدوات التي يمكن لها أن تسهم بتحريك هذه الآلة العملاقة هي السينما والمسرح، من خلال إعادة بناء المسارح والجمعيات المسرحية ودعمها ماليا ومعنويا وبنية تحتية. فهل يعقل أن العراق الكبير بامكاناته وتاريخه وثقافته وأدواته. لا يمتلك مسارح عملاقة متعددة وكذا صالات عرض سينمائي كبيرة تليق فيه، او في الأقل صناعة سينما تتسق مع الحاضر وتمتلك قدرة التعبير عنه بجلي واضح صادق، تؤمن بالمتغيرات الثقافية وسيل دفقات الحضارة مع المحافظة على الإرث الايجابي غير المعطل لحراك الأمة وشبابها. من أجل الانطلاق بحلة جديدة عمادها أهل الاختصاص والخبرة والموهبة، الذين يسعون اليها بكل صورة، وهم كثر من أجل انعاش العراق والعمل بكل قواهم الخيرة وخبراتهم المتراكمة ومواهبهم المعطلة الآن وقبل ذلك. كي يتاح لهم عبر المؤسسات الحكومية والأهلية من القطاع الخاص المدعوم حكوميا، لفتح هذا الملف وإعادة إنعاشه وترميمه وخلقه من جديد.