التسويق ثقافة وإدارة

آراء 2022/02/19
...

 علي الخفاجي
في إحدى المقابلات الصحفية مع الباحث الفرنسي المتخصص بالحضارة السومرية «ريجي فاليه»، وعند سؤاله عن سبب تفوق الحضارة المصرية القديمة على الحضارة العراقية القديمة فأجاب بأن الحضارة المصرية القديمة تعرف بالحضارة التسويقية أو الحضارة الترويجية
 
حيث إنها ومنذ نشأتها كانت تـُصَدر على أنها الأعظم والأكمل والأقدم، على الرغم من أسبقية الحضارة العراقية القديمة على المصرية بما يزيد عن مئتي سنة حسب ما هو معلن من الآثار المكتشفة، ومنذ ذلك الحين إستمرت هذه الجدلية وستبقى ما دام التفكير الجمعي هو المسيطر والماكنة الإعلامية لهذا التسويق مستمرة، على عكس الحضارة العراقية القديمة فإنها وحسب وصف الباحث بأنها حضارة مندثرة غير مسوقة غير إعلامية، ولم يتم تسليط الضوء عليها ربما بسبب تقاعس المؤسسات المعنية أو بفعل فاعل لطمس واندثار عناوين هذه الحضارة.
قبل فترة ليست بالبعيدة اشتكى القائمون على شركة مصنع أدوية سامراء من ضعف التسويق والترويج للأدوية المصنعة في المعمل، على الرغم من كفاءتها وجودتها بشهادة منظمة الصحة العالمية، حيث ذكروا بأن ضعف التسويق لمنتجات الشركة ودخول المنتجات من جميع الدول الى العراق أدت الى ضعف خطوط الانتاج، وبالتالي أدت الى انتكاسة كبيرة للمنتج المحلي، إضافة الى قلة الدعم الحكومي للشركة في ما يخص التعاقدات، على الرغم من أن الشركة العامة هي المنفذ الوحيد التي تحقق الأمن الدوائي للبلد، كما أن وزارة الصحة تجاهلت كثيراً حسب وصف الشركة وعزفت عن شراء منتجاتها، على الرغم من وجود من 200 الى 450 نوعاً من الادوية بمختلف أنواعها واستبدالها بالمنتجات المستوردة على الرغم من رداءة كثير منها، مما أدى الى تكدس الأدوية المتنوعة وبالتالي توقف خطوط الإنتاج. 
كثيرة هي المشكلات التي تحوم علينا نتيجة الظروف القاسية التي ورثناها من السابق وأعدنا إنتاجها، نتيجة التخبط الذي يكاد أن يكون مزمناً بسبب عدم اجتهادنا واستنباطنا وبقينا ندور في فلك المشكلات السابقة، دون أي حلول ناجعة، فتوقف المعامل والمصانع أثّر بشكل كبير في تسويق المنتجات المحلية وأجهز على ما تبقى منها.
 إن مشكلة التسويق باتت تشكل الخطر الأكبر للترويج عن البضائع المحلية بمختلف أنواعها على الرغم من شحة البضائع المصنعة محلياً، فإذا ما عملنا على تذويب المشكلات بين المنتج والمستهلك من حيث التخطيط المسبق للشيء المراد تسويقه، وهنا يجب أن يكون التخطيط على الأمد البعيد وليس آنياً وبدعم حكومي واسع، فإننا سنكون قد خطونا خطوة الى الأمام للحاق بركب التطور التسويقي العالمي، الذي أصبح بفضل التطور التكنولوجي يتسارع بشكل كبير، اذن بالمحصلة هي عملية تكاملية بين المسوق سواء كانت شركة او معملا او مصنعا وبين الدولة، التي تعتبر الراعي الرسمي والرئيس للشيء المراد تسويقه.