صراع التجربة والحل

آراء 2022/02/23
...

 سعد العبيدي
 
منذ الخطوات الأولى للديمقراطية العراقية، بعد السقوط، يتكرر نوع من الانسداد السياسي مع كل دورة انتخابية، تشبه معطياته الواقعية حدود الولادة المتعسرة، تشتد طوال فترتها التي تطول أحياناً وتقصر أخرى عمليات الشد والجذب والسعي الى الازاحة والتسقيط في سعي قوي للاستئثار حد التفرد في القرار، وبسبب هكذا نوع من الصراع السياسي لمجتمع لم ينضج ديمقراطياً حتى الوقت الراهن، 
ابتدعت القوى السياسة أو بالمعني الدقيق نقلت تجارب مجتمعات أخرى غير ناضجة ديمقراطياً في الإدارة بطريقة توافقية يشارك فيها الجميع (القوى السياسية) في الحكم وفي المعارضة في ذات الوقت، تجربة للديمقراطية التوافقية سارت بسفينة العراق أربع دورات انتخابية، تبين النتائج أنها فشلت في إيصال السفينة الى الشاطئ بسلام، بل وأدت الى المزيد من الفشل والفساد وإعاقة البناء وزيّدت نسب الفقر 
والتجهيل.
لقد ظهر في الدورة الخامسة للانتخاب هذه السنة من ينادي بفض التجربة التوافقية، والتوجه الى الأغلبية الوطنية، وهي وإن كانت خطوة لم تجرب في العراق لكنها سبيل في الديمقراطية مجرب وناجح في ديمقراطيات العالم الصحيحة، يعطي الفرصة للفائز الأعلى بتحمل مسؤولية إدارة البلاد وتقديم الأفضل، ويعطي من يحل في المراتب التي تلي فرص المعارضة والنقد والتقويم، تجربة تستمر لدورة انتخابية كاملة يكون طوالها الصراع بنوياً تقل فيه أخطاء الحاكم، الذي يجد من يراقبه وتزيد فيها دافعية المعارض للمراقبة والتقويم. 
إنَّ العراق في وضعه الحالي، لا بدّ أن يتوجه وبعد هذا الفشل الملموس في الديمقراطية التوافقية الى ديمقراطية الأغلبية، وهي وإن لم تكن مضمونة النجاح بسبب قلة النضج، لكنها تستحق الخوض في تفاصيلها لأن آثار فشلها أقلُّ من تلك التجربة السابقة، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة المراهنة على أي تجربة لأننا إذ عدنا الى الوراء قليلاً، سنجد التقلب في الرأي ومناداة كل الفائزين وفي كل الدورات بالأغلبية الوطنية ومعاودتهم المطالبة بالديمقراطية التوافقية مع كل خسارة في الوصول الى المركز الأول.