الدستور العراقي بين التعديل والرفض

آراء 2022/03/01
...

  حسين علي الحمداني
 
مرة أخرى تطرح فكرة تعديل الدستور العراقي، وهذه كانت مطروحة في السنوات القليلة الماضية، وأسباب طرحها عادة ما تكون في لحظة انسداد سياسي أي وجود أزمة، وبالتالي عملية تعديل الدستور الذي كُتب في ظروف صعبة أهمها بالتأكيد وقوع البلد تحت قوة احتلال كان لها دور كبير في صياغته، لا يمكن أن يُعدل في ظروف أزمة لأننا هنا سنفشل في ذلك لأسباب عديدة أولها بالتأكيد أن إجهاض الاستفتاء على التعديلات الدستورية واردٌ جدا بحكم إن تم رفضه من أغلبية الثلثين في ثلاث محافظات يكون التعديل باطلا، وهذا الرقم موجود سواء في محافظات إقليم كردستان إن تعارضت التعديلات مع مصالح الأحزاب هنالك وكذلك في المنطقة الغربية، وبسهولة هذا الرقم من المحافظات موجود في وسط وجنوب العراق، وبالتالي نجد أن إجراء التعديلات في الوقت الحاضر أو خلال الدورة الحالية سيكون رد فعل على أزمة سياسية يعيشها البلد من جهة، ومن جهة ثانية غياب الإرادة السياسية في إجراء التعديلات، على الرغم من توفر الإرادة الشعبية الراغبة ليس بالتعديل فقط بل بكتابة دستور جديد للبلاد.
وغياب الإرادة السياسية نقطة مهمة جدا خاصة أن القوى السياسية العراقية تجد أن هذا الدستور حقق لها تواجدا مستمرا في تشكيل الحكومات العراقية بحكم الكثير من المواد الدستورية التي تعاملت مع العراق، على أنه دولة مكونات لا يمكن أن تتشكل فيه حكومة ما لم يتوافق الجميع عليها بدليل أن مفاتيح تشكيل الحكومة في العراق تبدأ بالتوافق على منصب رئيس الجمهورية، الذي يتطلب تواجد ثلثي أعضاء البرلمان كنصاب قانوني للجلسة مع تصويت الثلثين له، وهو الأمر الذي يعني إنه لا يمكن أن ترى الحكومة النور ما لم يشترك الجميع في ظل غياب أي حزب أو كتلة من الحصول على الأغلبية السياسية في الانتخابات، وهذا الأمر يتطلب تحالفات كبيرة جدا تُحشد من أجل انتخاب رئيس الجمهورية رغم محدودية صلاحياته، إلا إن هذا المنصب يحتاج لتوافق الجميع ما يعني أن دستور العراق مفاتيح تشكيل الحكومة ومنها انتخاب رئيس الجمهورية، لا يعير أهمية لمخرجات الانتخابات بقدر ما يعطي أهمية لاشتراك المكونات في الحكومة.
ومع هذا نجد أن الخلل ليس في الدستور العراق بقدر ما إنه في القوى السياسية التي لو طبقت الدستور الحالي (على ما فيه من ملاحظات)، نقول إن التزمت بالدستور وسارت بموجب مواده، لن نجد هذه الخروق والتشوهات والتأويلات لمواده، وبالتالي ربما نجد في المستقبل القريب ولادة إرادة سياسية قادرة على إجراء التعديلات المطلوبة، خاصة وإن من سمة الدساتير في دول العالم أن تُعدل لتواكب التطورات من جهة، ومن جهة ثانية تعالج الثغرات التي ربما لم تكن ظاهرة في السنوات الأولى 
للدستور.