الزراعة العراقيَّة وتبديد الثروات المائيَّة

آراء 2022/03/04
...

 باسم محمد حبيب
 
يعاني العراق منذ مدة طويلة من نقص كبير في كمية المياه الواصلة إليه عبر نهري دجلة والفرات والأنهار الأخرى، إذ يبدو أن للسدود والخزانات التي أنشأتها الدول المتشاطئة معه الأثر الأكبر في انخفاض ما يصل إلى العراق من المياه، الأمر الذي خلق توترا في علاقات العراق مع هذه الدول التي هي أيضا غالبا ما تتهم العراق بأنه السبب في هذه الأزمة، لأن كمية كبيرة من المياه التي تصله عبر نهري دجلة والفرات تذهب هدرا إلى الخليج العربي، لعدم امتلاك العراق سدودا كافية أو مشاريع خزن عملاقة تحفظ جزءا مما يصل إليه من المياه لوقت الحاجة، و ترفض هذه الدول عقد أي معاهدات أو اتفاقيات دائمية بحجة أن هذه الأمور يمكن حلها من خلال التفاهمات وما يتم إبرامه من قبل المتخصصين في هذه البلدان.
وفي الحقيقة ولكي نكون منصفين، أن اللوم لا يقع كله على عاتق هذه الدول التي من حقها مبدئيا أن تبني مشاريع خزن وسيطرة لضمان حصصها المائية، فالحكومة العراقية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لعدم انشائها للمشاريع الضرورية التي تضمن لها الاستفادة من المياه الواصلة إليها عبر نهري دجلة والفرات والروافد والأنهار الأخرى وتركها تذهب هدرا إلى الخليج العربي، فالعراق كونه دولة مصب كان بإمكانه الحصول على نسبة كافية من المياه، ليس فقط حصته منها، وإنما حتى تلك التي تزيد عن حاجة الدول، لكن للأسف لم تقم الحكومات العراقية بما عليها لضمان إستفادة العراق من هذه المياه، فضلا عن حصته التي باتت تقل شيئا فشيئا.
ولذا ومن أجل أن يضمن العراق حصته المائية كاملة أو يكون قادرا على التفاوض مع الدول الأخرى حولها، يحتاج العراق إلى بناء سد عملاق مع حوض خزن كبير يضمن عدم ضياع القدر الأكبر من المياه الواصلة إليه، فهذه هي الخطوة الأولى لحل مشكلة المياه التي يعاني منها، والتي باتت تهدد بجفاف النهرين وتقليص حجم الإنتاج الزراعي الذي تقلص كثيرا في الآونة الأخيرة، فضلا عن تأثير ذلك على ضمان حقوق العراق المائية، لأنه سيفند أي ذرائع لدول الجوار في السطو على حصته من المياه بحجة عدم استغلاله لها.
 فإنشاء سد عملاق على شاكلة سد أليسو التركي والسدود الأخرى العملاقة، سيكون له أثر كبير على زيادة الغلة الزراعية وإحياء المزيد من الأراضي لتغدو صالحة للزراعة، وسيخلص العراق من تنمر دول الجوار وسطوها على حصته المائية، والأهم من ذلك أنه سيوفر للخزينة العراقية موارد مالية كبيرة تضاف إلى ما تحصل عليه من بيع النفط الذي هو المصدر العراقي الوحيد للدخل في الوقت الحاضر، وسيعيد للعراق سمعته الزراعية كأحد البلدان المصدرة لأنواع مختلفة من المحاصيل، هذه السمعة التي فقدها في العقود الأخيرة نتيجة السياسات الحكومية الخاطئة.