بيروت أُنسي الحاج

ثقافة 2022/03/04
...

 سعد جاسم
 
عزيزي أُنسي الحاج:
ليتَكَ كنتَ هنا
كي ترى بيروتَكَ الـذبيحة
وأَعني: رسولتَكَ التي كانتْ تختالُ أَمامَك 
بشالها البحري الهفهاف  
وبغواياتِها ورغباتِها المُشْتَعِلَةِ أَبداً 
وبالأغاني الفيروزية التي كنتَ تطيرُ
في سماواتِ ترانيمها وتراتيلها 
في صباحاتِ “النهار»
التي كنتَ دائماً تفتتحُها 
 بـ “خواتمكَ” اللازوردية
وكانَ الديكُ الفصيحُ
دائماً يوقظُها بصياحه الفجري 
   هيَ وأَهلها قبل أَنْ تطلعَ 
« شمسُ الشمّوسة»
بنورها الحلو 
الذي يسطعُ حتى يُضيءَ 
الحقولَ والقرى والضيعاتِ
والبنات والجدّات والأمهات 
والشوارعَ والكنائسَ والجوامعَ 
والاهراءاتِ والحقول والصوامع   
ويُضيءُ قلبَ “لبنانَ” الرهيف
وروحَ “بيروت” الشفيفة
والبسيطة 
والطيّبة 
والعاشقة التي لا تعرفُ نفسها
ولكنها تعرف كلَّ شيءٍ
عن البحر 
والعشاق
والغرباء 
وعن الدهر 
والأموات
والشهداء
وعن الصبايا 
والمرايا والهدايا
وعن «الرأس المقطوعْ »*
والنشيج المسموعْ
في “ماضي الأيام الآتية” 
وعن الذهب والوردة
التي كانَ يتساءل بذهولٍ وشجن 
عمّاذا صنعَ هوَ 
أو صنعتْ هيَ 
أو صنعتَ أنتَ ببريقهِ
ويَعْني الذهبَ
وبعطرِها المسفوحِ
وأَعْني الوردةَ
اللذينَ كانَ يُقلقُهُ مصيرهما 
الغامضُ والمجهولُ
ورُبَّما المقتولُ والمُحتلُّ 
بلا معْنى وبلا جدوى
وبلا أَيّةِ رحمةٍ وضميرْ  
وكذلكَ كنتَ أَنتَ يا عزيزي أُنسي
 تعرفُ كلَّ شيءٍ
عن “الوليمة” 
و”كلمات كلمات كلمات «
وعن “خواتم” الحضور والغياب 
وعرائسِ الأحلام
وإشراقاتِ المُخيّلة
وعن “الرسولةِ 
بشعرِها الطويلِ 
حتى الينابيع”