رغم الألم والأزمات المتفاقمة بيروت تفتح أحضانها لمعرض الكتاب

ثقافة 2022/03/06
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط 
 
بعد غياب قسري لأكثر من ثلاث سنوات عجاف فارقت فيها عروس المتوسط كرنفالها المتمثل بإقامة معرض الكتاب، عادت بيروت لتحتضن الدورة الثالثة والستين، إذ افتتح رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مساء الخميس فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب التي حضرها حشد من الشخصيات الثقافية والدبلوماسية والأكاديمية، ومجموعة كبيرة من أصحاب دور النشر اللبنانية والعربية والأجنبية. المعرض يقام في ظرف لبناني بالغ التعقيد والحرج جراء الأزمات غير المسبوقة التي عصفت بلبنان وأوصلته إلى شفير الانهيار غير أن بيروت كما أكد الشاعر زاهي وهبة لنا "تبقى عصية على الانكسار وهي برغم كل ما يمر بها من صعاب لا يمكن إلّا أن تكون حاضرة التنوير والثقافة والكتاب". 
أشار رئيس الحكومة في كلمته التي أكد فيها أنه "ليس جديدا على بيروت أن تحتضن الكتاب العربي، فهي كانت ولا تزال عاصمة الثقافة العربية، وهي التي كانت منطلق الثورات الفكرية في العالم العربي"، وأضاف "لا نستطيع ونحن في افتتاح معرض بيروت للكتاب العربي، وفي ظل كل هذه الأزمات التي تحيط بنا، أن نغفل أهمية دور الثقافة في معركتنا الحضارية. إنها معركة الحق ضد الباطل، معركة إثبات الذات في خضم محاولات تهميش الهوية اللبنانية المرتبطة عضويا وحكماً بالهوية العربية، التي ننتمي إليها كحضارة مشرقية. لقد كانت لنا عبر التاريخ محطات مشرقة في تفاعلنا مع محيطنا يوم حافظ اللبنانيون على اللغة العربية وأسهموا في تطويرها من خلال التفاهم الثقافي والفكري مع النخبوية العربية والحركات الثقافية في العالم العربي"، وتابع: "معركتنا مع كل من يتربص بنا شرا، ليست فقط بالسياسة وبالموقف والمواجهات الميدانية، بل بالكلمة أيضا وبالعلم والفكر، بالتربية والكتاب. معركتنا هي ضد الجهل والمجهول، بل هي ضد كل من لا يريد لوطننا ولأوطاننا العربية التقدم والاستقرار والازدهار". بدورها أمينة سر النادي الثقافي العربي نرمين الخنسا ألقت كلمة أكدت فيها "إن بيروت تعود اليوم رغم الألم لتكون عاصمة الإبداع والجمال والحضارة ليعود معرض الكتاب بفعالياته المتميزة، فيما حيّت رئيسة النادي سلوى السنيورة بعاصيري "جميع المشاركين في فعاليات المعرض، من دور نشر وكتاب ومفكرين ومبدعين في مختلف صنوف المعرفة والجمال والعلوم"، مضيفةً "ها هو معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يعود إلينا بعد غياب، بل نحن من نعود إليه، لنفرج عن مشاعر الافتقاد ولنبوح بمحورية دوره ومكانته في تعزيز موقع بيروت الثقافة. وليؤكد النادي الثقافي العربي أن العودة في هذا الظرف بالذات هي واجب ثقافي معرفي لا ينفصل عن الرسالة التي نذر النادي نفسه لها منذ البدايات، أي منذ تاريخ التأسيس في العام 1944، لتكون رسالته جزءا من رسالة استقلال لبنان في العام 1943، في شبه ترابط بين التاريخين". وأضافت: "أدرك الجيل المؤسس للنادي الثقافي العربي، أن استقلال لبنان إنما يصان بسيادته الفكرية، ووعيه المعرفي، وتنوعه الثقافي في إطار محيطه العربي. فكان ذاك التماهي في الرسالة، وذاك التكامل في الدور، وذاك العطاء في المسيرة، ليسجل النادي على مدى عقوده الممتدة سلسلة إنجازات في مقدمها ريادة معارض الكتاب في العالم العربي، منذ العام 1956، مسلطا الضوء على مكانة لبنان موئلا للكلمة الحرة، والفكر المستقل، والتلاقي في التنوع". في ختام حفل الافتتاح جال الرئيس ميقاتي والحضور على أجنحة المعرض، إذ اطلع على أبرز المعروض من حصاد المطابع في شتى قطاعات المعرفة، هذا ويقام المعرض الذي تأسس في 1956، من خلال النادي الثقافي العربي بالتنسيق مع نقابة اتحاد الناشرين اللبنانيين في قاعة (سي سايد أرينا) في الواجهة البحرية للعاصمة اللبنانية ويستمر لغاية يوم 13 آذار الحالي.  ومما يجدر ذكره ذلك اللغط الذي سبق إقامة المعرض في الشارع اللبناني عن جدوى إقامة المعرض في هذا الظرف العصيب إذ تعصف الأزمات الاقتصادية والسياسية بالبلاد، كما أن بعض دور النشر اللبنانية وشخصيات أكاديمية سجلت تحفظها على تنظيم المعرض، غير أن ما عبر عنه أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان حمود بقوله إن "الهيئة الإدارية للمعرض تعرف تماماً أن الأولويات اليوم للمأكل والمشرب، والناس تعاني من ضائقة مادية وأن شراء الكتب صار ترفاً، لكنها ارتأت التعويض عن الأعوام الثلاثة الماضية بدورة استثنائية"، مضيفاً: "لا يُعقل أن تبقى بيروت بلا معرض للكتاب، ولم يعد مبرّراً غيابه اليوم، ففي عزّ الحرب الأهلية لم يقف المعرض وكنا ننظمه تحت القصف في شارع الحمرا في مبنى وزارة السياحة".