ميناء الفاو الكبير جدلٌ يتجدد

آراء 2022/03/06
...

 د. قيس ناصر
 
سابقاً، هناك من ينظر إلى طبيعة الفاو من خلال خصوبتها فيصفها بالأرض الخصبة، وهناك من ينظر إليها من خلال ملوحتها فيصفها بالأرض المالحة. يبدو أن هذا الأمر لم يقف عند حدود الطبيعة فحسب، بل وصل إلى الميناء أيضاً، إذ هناك من ينظر إلى العمل الحالي بإيجابية، ويشكّل موقفهاً ايجابياً، وهناك من يكون موقفه 
مغايراً.  
  الموقف الأول ينطلق من القول إن مشروع الميناء الذي صادقت الأمانة العامة لمجلس الوزراء على جدواه الاقتصادية منذ 2009 والى 2019، لم يتم انجاز سوى مشروعين: الأول/ مشروع الكاسر الشرقي، الذي نفذته شركة اوركيدون اليونانية، والمشروع الثاني/ الكاسر الغربي، الذي نفذته شركة دايو الكورية، وطوال عشر سنوات لم يتم التعاقد أو انجاز سوى المشروعين السابقين، على الرغم من الموازنات الانفجارية من(2010 - 2014)، لكن بعد 2019، لا سيما في 2020، بدأت حركة العمل بالميناء تبدو واضحة من خلال توقيع ثلاثة مشاريع في أواخر 2019 تنفذها شركة دايو وهي: مشروع الطرق الداخلية للميناء، وحوض تصنيع النفق، والسداد الصخرية، وتمت المباشرة بها في شهر شباط 2020، ونسب انجاز هذه المشاريع الثلاثة عالية على رأي الفنيين - حتى كتابة هذا المقال-، إذ تم انجاز حوض تصنيع النفق بنسبة 100 %، ومشروعي الطرق الداخلية والسداد الصخرية نسبة انجازهما اكثر مما مقرر لهما، أما المشاريع الخمسة التي وقعت في كانون الاول 2020، ووضع حجرها الأساس في نيسان 2021، فهي:
1 - مشروع الطريق السريع الرابط بين ميناء الفاو ومدينة أم قصر بطول 62 كم، 2 - مشروع إنشاء هياكل أرصفة منطقة الحاويات 3 - النفق المغمور بطول 2444 م 4 -  أعمال الحفر والردم 5 -  حفر قناة ملاحية ومدخل الميناء، وعلى وفق رأي الفنيين المسؤولين عن المشروع إن نسب إنجازها أكثر مما مقرر لها. وهذه الأعمال هناك من يساندها ويدعو إلى استمراريتها، لاسيما أن هناك انجازاً على أرض الواقع، فضلاً عن أن تنفيذها بأموال عراقية، وهذا الأمر يرتبط بسيادة العراق وتحسين موقفه التفاوضي –لاحقا- مع أية شركة ترغب بالعمل بالميناء سواء شركات صينية أو كورية او بلجيكية ..الخ.
 أما الموقف الثاني، فينطلق من القول إن مشروع إنشاء الميناء كان يفترض أن تنفذه شركة CMEC  الصينية، وبالنتيجة بما إن الشركة الصينية لم تنفذ المشروع، اذن فالمشروع متلكئ  ولا يمكن انجازه، لذا ينبغي سحب المشروع من الشركة الكورية وتسليمه إلى الشركة الصينية، التي تنفذه بقرض صيني وتقدم أعمالا إضافية بشكل مجاني. لكن بالمقابل من هذا الموقف هناك رأي آخر للمعنيين بالمفاوضات مع الشركة الصينية، إذ يذكرون أنه مع اكتمال المفاوضات الفنية والمالية مع شركة دايو، أرسلت شركة CMEC مقترحها الفني والمالي عبر رسالة الكترونية بتاريخ 
11/11/ 2020، - وهذا العرض هو الذي يروج له في التواصل الاجتماعي- وفي اليوم نفسه، طلبت الشركة الصينية تزويدها بوثائق المناقصات للمشاريع الخمسة، وهذا بحد ذاته يمثل تناقضاً واضحاً بين تقديم عرض السعر المالي وطلب المواصفات، وبعد التداول واطلاع فريق شركة CMEC على العرض والمواصفات الفعلية للمشاريع قد تراجعت عن العديد من المشاريع التي ذكروا أنهم سيقدمونها مجاناً، في العرض الذي تمَّ ترويجه إعلامياً، بل طلبوا مبلغاً أكبر مما مقرر.
 أما الأمر الآخر الذي تمَّ الترويج له اعلامياً هو إن الشركة الصينية هي من تقدم القرض لإكمال المشروع، بينما الحقيقة هي إن هذا الأمر من مسؤولية الحكومة العراقية، هي من تطلب القرض من المصارف الصينية (تخيلوا  في ظل الإجراءات والبيروقراطية التي تحكمنا، كم من الوقت سيحتاج العراق في اجراءاته للحصول على القرض الصيني؟).
  ومع عدم انكار المكانة العالمية لشركة  CMEC في مجال المكائن الكهربائية والمجمعات السكنية وغيرها، ونجاحها الإعلامي في التسويق عن نفسها من خلال بعض العراقيين، لكن السؤال الذي يهمنا ما تصنيفها ضمن الشركات العاملة في العراق؟ والإجابة: لقد صُنفت شركة CMEC  الصينية ضمن الشركات الفاسدة على وفق توصيات لجنة الأمر النيابي(62) التي تخص مراجعة ملف الكهرباء.
ختاماً، ينبغي التأكيد أن هذا الموضوع فني بامتياز ويقع على عاتق الجهة القطاعية المستفيدة دون غيرها مسؤولية تحديد المصلحة بتفضيل التعاقد مع شركة دون أخرى، أما دور الرأي العام فينبغي أن يكون بالضغط على استمرارية تمويل المشروع ومراقبة 
إنجازه.