قادة العمل السياسي في العراق.. تشابه سلوك أم أهداف مشتركة؟

آراء 2022/03/06
...

 سالم روضان الموسوي
وأنت تطالع الأخبار يلفت نظرك موضوع مريب وكاد يشكل عاملا مشتركا بين جميع قادة العمل السياسي في العراق، حيث تسمع منهم كلاما في محاربة الفساد والإرهاب والدعوة إلى الإصلاح، بينما تجد أعمالهم منافية لذلك تماماً، والا بماذا نفسر تعمد هؤلاء القادة السياسيين إلى ترشيح او تعيين أشخاصٍ في مناصب مهمة في مؤسسات الدولة
إما عليهم شبهة فساد أو إرهاب أو إنهم أصلاً مدانون بارتكاب جرائم إرهابية أو فساد مالي وإداري، وقد يقول البعض إن هؤلاء يسعون للدفاع عن مصالح جمهورهم الطائفي او العرقي، وانا أقول لا بأس في ذلك لكن هل جمهورهم هذا لا يملك أشخاصا مؤهلين لقيادة تلك المناصب وإدارتها تتوفر فيهم النزاهة؟ وهل أصبحت هذه الطوائف والأعراق التي يتكون منها الشعب العراقي عقيمة عن إنتاج قادة يتسمون بالنزاهة والاستقامة والكفاءة؟، بل أصبح الحال يتعدى قادة العمل السياسي إلى قادة العمل الوظيفي والمهني، فإنهم وتحت عنوان حفظ التوازن المكوناتي لا يختارون الأفضل من بين أقرانه، بل من يتسم بالضعف والهزالة والجبن، وهذا الأمر يثير الريبة في سلوكهم، فهل هو سلوك متشابه تفرضه شخصياتهم التي تفتقر الى النزاهة؟ أم لأنها ضعيفة ومهتزة في جانبها المعرفي وخلفيتها العلمية والثقافية والاجتماعية؟، او لأنهم يشتركون في صفات غير محمودة ومنها الفساد فينعكس على سلوكهم في ترشيح الأشخاص الذين يتماثلون معهم في السلوك؟ وهذا يبرره علم الاجتماع ويطلق عليه (هُموفيليا) وهو مصطلح في مجال علم الاجتماع يصف ميل الشخص إلى تكوين علاقات مع الإنسان المماثل له، أو لربما الدافع هو تشابه الأهداف بين قادة العمل السياسي والمهني الوظيفي، حتى لو اختلفت سلوكياتهم ودوافعهم، وإنما لهم هدف مشترك، قد يكون الاستحواذ على اكبر قدر من المال العام لمصالحهم الشخصية من خلال ترشيح المتهمين بالفساد أو الإرهاب والذين تحوم حولهم الشبهات، لأنهم سيكونون من الخاضعين الأذلاء لمن رشحهم، أو لهدف آخر قد يكون تدمير المجتمع عبر زرع هذه الشخصيات الهزيلة التي تشكل خلايا سرطانية في جسم المجتمع، فتنخره وتحيله إلى حطام وركام، وأرى ن من أسباب ظهور هذا السلوك المحرف او الهدف غير النبيل تجاه العراق، هو وجود التشريعات المائعة والتي تستغل لتمرير هذه الشخصيات، وعدم قدرة القائمين على تطبيق القانون وإنفاذه في مواجهة سطوة وبطش القادة الفاسدين او الإرهابيين وإن كان الفساد والإرهاب وجهين لعملة واحدة، أما الحل فإنه يبدأ بوجود تشريعات واضحة وجازمة ودقيقة، والتي تتعلق بكيفية اختيار الأشخاص لنيل المناصب وكذلك وجود رقابة قضائية صارمة غير متهاونة تجاه من يخرق القانون، والأهم من ذلك المعالجة الآنية في تقيم وتدقيق سجلات من يتولى القيادة في مفاصل الدولة في الوقت الحاضر، وإزالتهم واستبدالهم بأشخاص لهم رغبة في خدمة العراق حتى لو رشحتهم طوائفهم أو أعراقهم، والعراق فيه الكثير الكثير من هؤلاء، لكن هيمنة الفساد أبعدت الشرفاء عن ميدان العمل، ولا بدّ من توفير الظروف المناسبة لعودتهم الى التنافس الشريف المهني المبني على خدمة العراق وليس خدمة قادة الإرهاب والفساد.
 قاض متقاعد