روح المواطنة

آراء 2022/03/06
...

 بشير خزعل
 
روح المواطنة لا تأتي من فراغ أو هي مجرد كلمة تردد في أروقة المؤتمرات والقاعات والمناسبات الروتينة، التي قد تأتي نتائجها عكسية، وربما تحول هذا المفهوم إلى مثار سخرية لدى المواطن او المسؤول، في نظرة سريعة عن الطريقة التي يستشعر فيها المواطن البسيط معنى أنه مواطن يعيش في دولة لها فيها حقوق وواجبات، وليس أن يكون ذليلا في بلاده ويعاني الأمرين في جميع جوانب الحياة، أبسطها عندما يذهب مع أطفاله او أسرته للحصول على الأرواق الرسمية، التي تثبت مواطنته وعائديته لهذه الدولة، دوائر متهالكة وروتين كارثي وساعات مهدورة بسبب التوقف المتكرر للنظام الالكتروني الخاص بإصدار الأوراق الثبوتية، وهنا الحديث عن أغلب الدوائر وليس دائرة بعينها ولكن اكثرها شؤوما وبؤوسا هي دوائر النفوس الخاصة بالبطاقة الوطنية ودوائر المرور والجوازات، وغيرها من دوائر اخرى كثيرة في الامانة والتسجيل العقاري والمحاكم، هذه المؤسسات الخدمية التي تكون بتماس مباشر مع المواطن، هي التي تؤسس إلى سيادة روح المواطنة من خلال عملها وتعاملها مع الناس، وجعل كل شخص يشعر بمدى اهتمام الدولة به كمواطن، بدلا من إهانته وإجباره على دفع الرشى أو البقاء في دوامة روتين مذل لساعات طويلة أو لأيام، الشعور الذي ينتاب أغلب المواطنين العراقيين خلال مراجعتهم المؤسسات الحكومية يحفز الكراهية، لكل ماهو مرتبط بالحكومة والدولة من اجراءات ادارية لأنها ليست مريحة وشفافة، وللتركيز فقط على ما هو على أرض الواقع، في دول كثيرة قريبة منا نرى أنها تعمل على رفاهية شعوبها بوسائل مختلفة، منها أن الحصول على الأوراق الرسمية او جواز السفر يتمُّ عن طريق النت وهو جالس في بيته، او تكون الاجراءات في غاية السهولة وبوقت قصير جدا، بعيدا عن طوابير الذل والانتطار والمساومة والروتين الممل، ورغم أن الدولة تسعى إلى استخدام الأنظمة الالكترونية الحديثة في دوائرها، إلا أن هذا النظام أصبح وبالا في بعض الأحيان، بسبب توقفه الدائم واضطرار المواطن إلى الانتظار لساعات ولا يعرف اذا كان هذا التوقف بفعل فاعل او بسبب عطل ما، الشعور بالمواطنة يولد ارتباطا وثيقا بين مؤسسات الدولة ومواطنيها، ويحفز شعورالاعتزاز بالانتماء إلى الدولة إلى درجة كبيرة بالتنامي والتراكم المستمر حتى يصبح تربية ذاتية لدى الأسرة العراقية، مؤسسات الدولة الخدمية هي التي تؤسس لروح المواطنة وليس الأحاديث، التي تتحدث عن مشاريع وانجازات لا وجود لها سوى على الورق، معنى أن يذهب المواطن إلى مؤسسة حكومية وينهي أي إجراء إداري بمنتهى الأريحية والسهولة، وفق قوانين لا تقبل التأويل والفلسفة والتنظير من قبل أي موظف أو مدير هي التي تؤسس إلى تطور مجتمع يفهم معنى روح المواطنة، امام حشود الانتظار والتعنيف والطوابير والرشى والفساد، فهي أفتك الأسلحة في قتل روح المواطنة وعدم الشعور بأي مسؤولية من قبل أبسط مواطن تجاه 
بلده.