الديمقراطيَّة الناقصة

آراء 2022/03/11
...

 غازي فيصل 
 
إن واقع العملية السياسية في العراق ما بعد عام (2003) القائم على تبني السلطة على اساس المحاصصة السياسية المقية بين الكتل والأحزاب الحاكمة، التي تكونت في هيكل النظام وعلى أسس (طائفية وعرقية) والتقاسم في دائرة الفساد، وفقاً للأوزان الاجتماعية والسياسية، التي تضمن احتكار السلطة للفرقاء السياسيين واستمرارية البقاء على مراكز الحكم، وتشيد هرمية النفوذ السياسي والمالي والهيمنة على موارد الدولة، مما يتيح لتعبئة انصارهم لمواجهة أيِّ خطرٍ يهدد مصيرهم، يكون هذا النظام قريبا للاستبداد منه الى الديمقراطية، على الرغم من وجود أسس ديمقراطية التي يرتكز عليها، ولكن يكون خارج الأطر القانونية والدستورية. إن مجريات الأحداث في العراق بعد أن فرزت نتائج الانتخابات التي أجريت في 10 اكتوبر 2021، وحصد التيار الصدري أغلب المقاعد النيابية الشيعية في المجلس النيابي، شكلت أزمات منها؛
أزمة نتائج الانتخابات وحسمت قانونياً، وتلتها أزمة انتخاب رئيس البرلمان والكتلة الأكبر وحسمت أيضاً قانونياً، وأزمة مستعصية سياسياً هي انتخاب رئيس الجمهورية وكذلك أزمة الحوارات والتفاهمات السياسية الخاصة بين الأطراف الشيعية، التي لم تحسم حتى الآن وأثرت في كل الفعاليات السياسية والاقتصادية،
إنَّ البيئة الاقليمية التي لا تريد انهيار العراق ولكنها تعمل على ابقائه دولة هشة، ولذلك تغذي الانقسام والضعف والاختراق والفساد، لأنه يسهل تمرير أجندتها ومشاريعها، ولذلك تسعى الى أن تبقى الدولة العراقية في مرحلة التيه بين الدولة و اللادولة ونظام سياسي لا يعني حكم المؤسسات وانما حكم زعامات الطبقة السياسية.
إن عملية التحول الديمقراطي في العراق يمكن أن نطلق على ديمقراطيتها كلمة الديمقراطية الناقصة او المشوهة، لأنها تنتج أشياء لا تمثل وعي الشعب، بل مصالح الاقطاعيات السياسية الموجودة في الحكم، إن الأحزاب والقوى السياسية الفاسدة تمارس بشكل ممنهج ومدروس عبر ماكيناتها الإعلامية وجيوشها الإلكترونية لتنتج قناعات عند الأفراد تصل الى حد اليقين، مستغلين اللعبة الديمقراطية لتشكل طبقة فاسدة تتمسك بالكرسي بكل ما تملك من قوة.
يواجه النظام الديموقراطي في العراق جملة إشكاليات تتمحور بالنقاط التالية؛
تعد الأحزاب السياسية أهم أسباب انتكاسة الديمقراطية وتعمل لتضخيم سلطتها على حساب الوعي الديمقراطي، وفق منهج المحاصصة بالحكم، وغياب الوعي الجماهيري وظهور الجهل المقدس يعدُّ من مخلفات النظام الديكتاتوري السابق،ولكن من اهم اشكاليات التي افسدت النظام الديمقراطي في العراق الإرادة الخارجية والتي تسعى لجعل العراق حسب مصالحها مكانا للفوضى وساحة للصراعات، والذي سمح للخارج بالعبث في العراق هي بعض القوى السياسية الفاسدة.