المسؤوليَّة القانونيَّة عن الحنث باليمين الدستوريَّة

آراء 2022/03/11
...

 مريم كريم هاشم الخالدي
 
عرفت المجتمعات القديمة اليمين بشكل عام، وقد كانت تتضمن محاكاة للعزة الإلهية، وتمثل ايضا دعامة الحق عند الإنسان، وهو تقليد كان مبعثه الايمان بوجود عدالة سامية متفوقة على الجميع ترقب تعهدات الانسان ووجوب الوفاء بها. 
وإن مضمون اليمين الدستورية هو انعكاس لجملة من المبادئ التي تؤمن بها كل دولة، وقد درجت الدساتير على إيراد اليمين الدستورية في متنها وإلزام النواب وكل من يمارس السلطة بتأديتها، وهو ما يفرض الالتزام بمضمونها، ولم يختلف الدستور العراقي لعام 2005 عن بقية الدساتير. إذ نصَّ على أن يؤدي عضو مجلس النواب اليمين الدستورية أمام المجلس قبل أن يباشر عمله، وتقف الاعتبارات الدينية والتاريخية وراء موقف الدساتير من الإلزام بتأدية اليمين الدستورية.
 فالصيغة الدينية لليمين الدستورية لها الأثر الكبير في إحياء ضمير النائب وتبعث في قلبه الخشية من الله عز وجل، الذي ألزم العباد بالوفاء في العهود، وما يترتب على ذلك من ثواب وعقاب. 
وإنَّ الصيغة الدينية تولد إحساسا وجدانيا لدى النائب، وتدخل في روعة الرغبة بالاستقامة والرهبة من عواقب التخاذل او الانحراف باستخدام السلطة. 
وإن اليمين الدستورية حين وضعت بالصيغة الدينية كان مفهومها بنظر الشعب المؤمن أن يحنث بيمينه، فإنه يأثم بحق الله، ثم إن اليمين لا بدَّ ان تكون رادعا معنويا تقيد الحالف بما تعهد به، ولا شكَّ أن الأمر يتوقف على شخص الحالف ومدى إيمانه بالله وبالمثل العليا والاخلاق، ووفقا لليمين الدستورية في الدستور العراقي النافذ، يقسم النائب أن يحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأن يحافظ مخلصا على سلامة الوطن، كما يتضمن الالتزام ايضا المحافظة على حريات الشعب وحقوقه، واذا كانت اليمين الدستورية تتضمن في أغلب الأحيان مضامين تتعلق بالدولة وبالشعب والتشريعات، فإنها تورد التزاما آخر هو أساس تأدية تلك الالتزامات بكل أمانة وصدق، ألا هو الإخلاص بتأدية أعمال النيابة والقيام بها، وإن أداء النيابة بكل أمانة وصدق يفترض حضور جلسات البرلمان ولجانه والمشاركة في مداولات المجلس ونقاشاته وترك المواقف المتزمتة، و هذا الاخلاص سوف يعكس مدى الالتزام بالدستور وبالنيابة الصادقة عن الشعب، ولذا ينبغي أن يكون النائب على مستوى المسؤولية، الذي عهد إليه ناخبوه من أبناء الشعب، بحيث لا يحيد عند ممارسة  عمله النيابي عن الحق والواجب الوطني، وهذه من مصاديق النيابة الصادقة ومعايير إخلاصها، التي ترفع من شأن النائب وتوطد الثقة به.