شروق ماهر
أعادت مدينة عثمان الموصلي الثقافية (الموصل) أكبر مسارحها من بين ثلاثة أكبر مسارح موصلية دمرتها عصابات داعش الاجرامية، وهو مسرح جامعة الموصل، والذي يعد من أكبر القاعات في نينوى، حيث تعرَّض هذا المسرح الواقع في جامعة الموصل لأضرار جسيمة خلال سيطرة داعش واثناء تحرير المدينة، ويعد تسلسله المسرح الثالث بعد أن طالت عصابات داعش مسرحين وهما ام الربيعن، وابن الاثير خلال سيطرتها في أحداث العاشر من حزيران عام 2014.
افتتاح
وافتتحت مدينة الموصل ثاني كبريات المدن العراقية مسرح جامعة الموصل، والتي تمت إعادة تأهيله من قبل مشروع إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبالتمويل من جمهورية ألمانيا الاتحادية والمقدمة من خلال بنك التنمية الألماني.
وأعيد بناء هذا المسرح على مساحة تزيد عن 3250 متراً مربعاً من الحرم الجامعي، بجوار المركز الطلابي والمكتبة المركزية للجامعة، وهي أكبر قاعة مسرح في نينوى، حيث يتسع المسرح لما يقارب 1000 شخص تقريبا.
ويقول رئيس جامعة الموصل الدكتور قصي الأحمدي في تصريح لـ(الصباح) إنَّ «افتتاح مسرح الجامعة هو افتتاح صرح حضاري ثقافي، يتمُّ تاهيله لإعادة الثقافة الموصلية والفن الموصلي من جديد، حيث هو مسرح بطاقةٍ إستيعابية تصل لغاية (1500) شخص، ومزود بأحدث التقنيات الصوتية والضوئية والإلكترونية، ويتميز هذا المسرح بأنه قد نصب اليوم داخل جامعة الموصل ليرسل رسالة للجميع بأن مدينة الموصل لا تموت، لأنها مدينة الحب والسلام والثقافة والفنون».
ويضيف الاحمدي أن «المسرح دعم ومول من قبل مشروع (KFW) والشكر يعود لبنك التنمية الألماني لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فضلا عن الشكر الكبير لابطالنا المجهولين من مهندسيين وفنيين في دوائرنا الخدمية، والذين واصلوا ليلا ونهارا بالعمل بهذا المسرح من اجل افتتاح هذا الصرح الثقافي”.
الفن لا يموت
اما الفنان الموصلي خير الدين حسن فيقول في تصريح لـ(الصباح) إن «مسرح الجامعة يعني شيئا كبيرا في نفوس الفنانين حاله كحال مسرح الربيع ومسرح ابن الأثير لا يفرق عنهما شيء، لكن الفنان يحاول ويسرع في عجلة إعمار هذه المسارح، لإعادة العمل المسرحي وتقديم ما هو أفضل من برامج ثقافية جميلة، قد ترى النور مجددا من خلال بناء وإعمار هذه المسارح الجميلة، التي كانت تغنى بها مدينة الفنون ام الربيعين، ويتغزل الفنانون من خلالها بالفن الموصلي الاصيل، الذي حاولت العصابات الاجرامية محي الفن والفنون والمسارح خلال سيطرتها، لكن في مثل هذه المدينة الجميلة مدينة الملا عثمان الموصلي لا يموت الفن فيها مطلقا».
بينما يرى الاعلامي جمال سمير «أن من خلال افتتاح هذا المسرح الكبير وجود بصيص أمل للفن، لا بل هو الأمل بحد ذاته إعادة افتتاح المسرح الكبير في جامعة الموصل، الذي دمرته الحرب وأعيد إعماره بدعم من منظمات دولية، لعله يسهم بتحريك العجلة الفنية التي غابت عن الموصل، فقد ألحقت الحرب أضرارا جسيمة بثلاث دور عرض مسرحية في الموصل، أبرزها مسرح الربيع الذي لا يزال ينتظر وعودا لم تتحقق، وجرف مسرح ابن الاثير، بينما تعود الألحان وأصوات الغناء والعروض تعلو من مسرح جامعة الموصل خلال حفل افتتاحه».
أكبر المسارح العراقيَّة
تبلغ الطاقة الاستيعابية لمسرح جامعة الموصل نحو 1500 متفرج، والذي أهلته أن يكون الأكبر في العراق بحسب ماوصفه كبار الفنانين العراقيين، خلال افتتاح مسرح الجامعة الكبير والذي زود بأجهزة صوت حديثة ومتطورة، وأنظمة تدفئة وتبريد حديثة، قبل البدء باستئناف العمل به.
وبدورها أكدت ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق السيدة زينة علي أحمد أن «إعادة افتتاح المسرح الجامعي او اختيار اعمار هذا المسرح من خلال برنامج الامم المتحدة، بدأ بعد عمليات مشروع إعادة الاستقرار في المناطق المحررة في الموصل في مطلع عام 2017، أي ما بعد اعلان التحرير، حيث تمَّ إعطاء الأولوية لإعادة تأهيل جامعة الموصل أولا، نظراً لأهميتها كمركز للتعلم الفني والموسيقي والثقافي، ومن بعدها المسارح الثقافية الأخرى».
مطالبات
من جانبهم طالب العشرات من الفنانين الموصليين والتشكيليين بإعادة إعمار بنى ومواقع المقامات الشعبية والتراثية الأصيلة في مدينة الموصل، والمسارح المدمرة خلال العمليات العسكرية، وحرقها من قبل عصابات داعش لتكتمل الفرحة في نفوس الفنانين، ولتتجدد إعادة عرض المسارح والتمثيل على أراضي نينوى الإبداع.
وعرض على رحاب مسرح جامعة الموصل عرض ثالث (لاوكستر وتر) وسط حضور جماهيري كبير لمثقفين وفنانين شاركوا بهذا العرض الاول في مدينة الموصل، بعد أن كان العرض الأول على أنقاض مسرح أم الربيعين قبل إعادة إعماره.
عودة الفن
ويقول المايسترو الكبير محمد محمود، الذي شارك في هذه الاوكسترا الكبير، وقدم ابداعات كثيرة في عرض لقطات موسيقية جميلة جذبت الفنانين والمشاركين في هذا العرض إنَّ «تقديم هذه المقطوعات الموسيقية الجميلة منها العالمية والثراثية، التي أقيمت على هذا المسرح الكبير، وهو إيصال رسالة إنسانية إلى العالم أجمع بأن مدينة الموصل هي مدينة حيَّة وتنبض بالفن والإبداع، وقادرة على أن تصنع العالميَّة من خلال شبابها المبدعين، الذين شاركوا بهذه الأوكسترا».
ويضيف محمود بان «هناك مشاريع موسيقية وفنية اخرى ستكون قادمة خلال المراحل او الايام المقبلة على مسارح الموصل بعد اعادة اعمارها والاهتمام بها من قبل الحكومة التي اعادت النور لهذه المسارح الثقافية في المدينة الجريحة، التي عادت لترى النور والفن والمسرح التشكيلي مجددا».