بين الهدر والستراتيجيَّة

آراء 2022/03/22
...

 حسين الذكر
 
حينما تتولى حكومة ما وتاخذ على عاتقها مسؤولية الإدارة ينبغي ان يكون لديها فكر وخطط استراتيجية. عن كيفية تمشية ملفات الحياة والحفاظ على مستوى التطور بشكل ثابت دون أن تمس الخزين الستراتيجي الذي ينبغي له ان يكون في خدمة المستقبل. وهذا يعني ضمنا تقسيم موارد الدولة إلى مهم وأهم. فما يتعلق بالقسم التشغيلي كرواتب الموظفين (مثلا) ينبغي أن يكون مورده الأول والأخير هو الضرائب، التي تعد بمثابة فن من أهم فنون فلسفة الحكم التي تؤمن الرواتب دون أن تصرف او تمد يدها إلى الخزين الستراتيجي.
اما الموارد الأخرى من قبيل الزراعة والصناعة والسياحة وغير ذاك ما متاح وتحت اليد ويعد من موارد الدولة المؤسساتية والفردية للمواطنين. فهذا مهمته تحصر بتحسين البيئة والأخذ بزمام التطوير الحياتي مع تهيئة ما يستحق الصرف للطوارئ وغيرها من شؤون الحياة.
ثم أخيرا وليس آخراً. فإن ملف الخزين الستراتيجي الأهم المتمثل في الموارد الذهبية التي حبى الله بها بعض الدول وخصها دون غيرها، ويعد بمثابة هبات سماوية وأموال جاهزة لا يمكن تعوضيها ويصعب تبديلها ولا يجوز هدرها وخسرانها تحت أي عذر كان من قبيل (النفط ومشتقاته). وما يعنيه ملفها من أهمية يجب أن تحصر إدارتها بالعقل الستراتيجي وتأمين الملفات المستدامة. وفقا لخطط ( 25 و 50 ) سنة قادمة. يضعها خبراء وعلماء وقادة الأمة من أصحاب العقول العلمية والضمائر الحية لأهمية وخطورة الملف.
فحينما نتحدث عن وارادت النفط على سبيل المثال، التي يجب أن تصب كلها أو جلها– حسب ضرورة قصوى يحددها الظرف والدستور ويشرف عليها العقل الستراتيجي للأمة– على مشاريع بنى تحتية وفوقية مستقبلية تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات المستقبلية المتوقعة، والتي هي ليست طارئة بل معروفة ويمكن قياسها ووضعها تحت السيطرة والتعاطي معها بعلمية ومثالية وفقا للمتاح. 
إن الموارد الستراتيجية يجب ألا توضع تحت تصرف الحكومات، لا سيما العاجزة منها في الحفاظ على الأمن الاجتماعي للدولة ومصالح المجتمع العليا والمستدامة منها على وجه التحديد. ففيه هدر لطاقات الأمة في غير محلها، مما يتطلب من المشرع والعقول الاقتصادية وقبل ذلك القوى الروحية والقوى الإصلاحية. أن تعيد هذه النقطة الجوهرية إلى طاولة البحث لاهميتها وضرورتها الحتمية الملحة، فان سبب خراب الأمم هو هذه الآفة المرضيّة.