نزهتا صدام وبوتين المدمرتان

آراء 2022/03/22
...

  عبد الحليم الرهيمي
 
عندما اتخذ صدام قراره الأحمق المفاجئ في الاول من آب/ اغسطس بغزو دولة الكويت في اليوم الثاني من آب وترويع شعبها واختراق سيادتها، كان هدفه المعلن هو إعادة الفرع (الكويت) إلى الأصل (العراق)، بينما أعتبر عملية الغزو هذه باستخفاف، أنها مجرد (نزهة) يسترجع (الويلاد)، اي الجنود العراقيين الفرع للأصل بأيام ويعتقلون أمير البلاد وقادتها ويعودون (مكللين بالنصر)! هكذا اوضح بعض المقربين لصدام وحاشيته في مجالسهم الخاصة عن بعض ما كان يتكلم به الدكتاتور مع بدء عملية الغزو والاجتياح. 
لقد كانت (حسابات) صدام وأوهامه (الوردية) لاعتبارات وتقديرات خاطئة وحمقاء في آن واحد. 
غير أن حسابات (حقل) صدام كانت شديدة البؤس التي عبر عنها لاحقاً (البيدر) من ذلك الحقل، والذي لم يكن سوى تدمير العراق والكويت وشعبيهما ليس بما أسفرت عنه شهور الاحتلال السبعة (من آب 1990 حتى 26 شباط 1991) من دمار وآلام وضحايا وانما ايضاً ما اسفر عن ذلك من آثار مروعة وخراب وعقوبات أممية وعزلة دولية، ألحقت أشد الأضرار بالعراق والعراقيين بمختلف مناحي حياتهم ومستقبل أطفالهم وأحلام أجيالهم، والتي لا تزال آثارها باقية ويدفع العراقيون أثمانها الباهظة. 
والسيد (الرفيق بوتين) الذي عايش وشهد من مواقعه الرسمية ومنها رئيس روسيا من (آذار عام 2000 ) تلك الأحداث ودمويتها وحتى عبثيتها، فضلاً عما أطلع عليه لاحقاً بالتأكيد من تقارير ووثائق كثيرة من الأحداث الغامضة والتي كشفتها المؤسسات البحثية والاعلامية العراقية والكويتية، فضلاً عن الغربية والأميركية، هذا إضافة لخبرته كشيوعي منذ العهد السوفيتي وقيادي في استخباراته (KGB) وقيادته لحرب الشيشان، ثم تسلمه رئاسة (روسيا الاتحادية) منذ اكثر 
من عقدين.
تفترض أنه استوعب دروسا ودلالات وأهوالا وما أسفر عن غزو صدام للكويت عام 1990 بألا يقع بما يشبه وقوع الطفل المغربي ريان في تلك البئر العميقة المظلمة، والتي لم يخرج منها الطفل سالماً، وهذا يعني أن (نزهة) بوتين قد تكون أشد او أقل إيلامًا من نزهة صدام.. 
لقد وقع بوتين في مستنقع الحرب على أوكرانيا، والتي أسفرت خلال المدة القصيرة منها آفاقها وما تعبر عنه من احتمالات سيئة وشديدة القسوة. لقد فقد الجيش الروسي خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة، حسب التقارير والصحف الغربية نحو سبعة آلاف جندي روسي وثلاثة قادة كبار وأقال ثمانية جنرالات كبار، فضلاً عن اضطراره لعمليات تطهير كبيرة بأجهزة الاستخبارات وجلب متطوعين (مرتزقة) للقتال مع الجيش الروسي، الذي أصبح يقتل الكثير من جنوده.
هذا اضافة لتعثر العمليات الميدانية في الحد من دور المقاومة الأوكرانية والأضرار الناجمة وستنجم عن العقوبات الأميركية – الأوربية المدمرة للاقتصاد الروسي والعملة الروسية، وكذلك العزلة الدولية وآثارها، فهل استمتع القيصر الروسي الجديد حقاً بنزهته المدمرة في الحرب ضد أوكرانيا وشعبها، كما استمتع صدام بنزهته بغزو الكويت والتي دفعته بعد عقد من الزمن للاختباء بتلك الحفرة المهينة كخاتمة لتلك النزهة؟!.