حقائق مغيّبة في المشهد العراقي

آراء 2022/03/25
...

 جواد العطار
 
سواء عقدت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية واكتمل نصابها او لم يكتمل، انتخب الرئيس او لم ينتخب... فإن فرصة الانتخابات المبكرة ضاعت بعد ماراثون من الصراع والنزاع بين قطبي الفائزين، استمر لأكثر من أربعة اشهر، ويمكننا أن نؤشر الحقائق التالية الى الوضع السياسي والعام في العراق، خلال هذه الفترة، وبالشكل التالي:
إن الطبقة السياسية الحالية غير قادرة على التفاهم في ما بينها اولا؛ ومواكبة التطورات ثانيا؛ ومواجهة التحديات ثالثا. وبالتالي فإنها غير كفوءة وغير مستعدة على إبداع الحلول للأزمات، لذا فإنها لا تستحق تسيد الموقف السياسي اذا استمرت بهذه الوتيرة.
 2 - استخدام لغة تسقيط الآخر هو الخطاب الإعلامي لكل الفائزين منذ اغلاق صناديق الاقتراع، خلافا لبروتوكول الديمقراطية في حكومة وطنية ومعارضة وطنية تتعاون وقت الأزمة داخل قبة البرلمان، وبالرغم من انعقاد جلسات الاخير، فإننا لم نرَ بصيص امل في تغيير السلوك والخطاب والركون الى لغة الحوار الوطني الهادف، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وهذا الاسلوب أدى الى: فقدان ثقة الجمهور بالفائزين أولا؛ دق إسفين بين الفائزين انفسهم ثانيا؛ ما سيعيق اي تفاهم مستمر بينهم مستقبلا.
تأثير الفواعل الإقليمية والدولية في المشهد السياسي أكثر من الفاعل الداخلي المهم، الذي أدى دوره في إيصال الفائزين الى البرلمان، وهذا الامر انعكس سلبا على جملة المشهد السياسي العراقي الداخلي، الذي أصبح يستجيب لرغبات الخارج أكثر مما يسمع أنين الداخل.
4 - غياب دور المرجعية الدينية طيلة الفترة الماضية، رغم الحاجة الماسة إليها، لحسم الأمور في هذا الوقت عبر الإشارة او التلميح، ويمكن تفسير الأمر برغبة المرجعية بالنأي بنفسها عن الخلافات السياسية أو أن صوتها قد بحَّ سابقا دون مجيب، لكن عقدة المشهد الحالي ما زالت تحتاج تدخلها وبقوة.
5 - إن دور المواطن أصبح متفرجا وينوء بحمل الأزمات، فالموازنة معطلة وأزمة الغذاء العالمية أثقلت الميزانية العائلية واجراءات حكومة تصريف الأعمال شكلية لا تتجاوب مع عظم التحديات، التي تسارع كل حكومات العالم للتخفيف من وقعها على مواطنيها، بينما يتصارع سياسيو العراق على الكتلة الأكبر، حتى أصبح المواطن في وادٍ والساسة في وادٍ آخر.
ان ثقة الجمهور بالفائزين قد اهتزت هزة عنيفة وأحدثت شقوقا لا يمكن علاجها الا بحكومة قوية قادرة على النهوض بواجبها الوطني دون معرقلات، كما ان لغة التسقيط وكسر الإرادات افقدت الثقة بين الساسة انفسهم ولا يمكن ردم الهوة بينهم الا بتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية وتقسيم المناصب... ان العراق يمر بمخاض عسير ولن يخرجه من هوته السحيقة الا تغليب روح المواطنة اولا؛ وحكومة وطنية قادرة ثانيا؛ وسياسي ثالثا؛ يستجيب للداخل قبل مطلب الخارج.