عشيرة العزّ أضحت أسيرة القدح

آراء 2022/03/25
...

  حسن عودة الماجدي
حقيقة الأمر أن المقالة قد تبدو ثقيلة على محيا عشائرنا الكريمة سكنة الجنوب العراقي، والتي لا تزال تتمسك يالقيم الوطنية والإسلامية والإنسانية والنخوة العربية والكرم المبالغ, تلك العشائر التي أسّست معظم القوانين العرفية والسنن الحاكمة بين أعضائها، وكذلك العادات والتقاليد المشتركة بين مجموعة الأفخاذ للعشيرة الواحدة أو بين العشائر المجاورة
 
من أجل الحفاظ على هيكلية العشيرة وأفرادها داخلياً وخارجياً، بما يوفر الحماية للجميع حقوقاً وواجبات، وأهم تلك معاقبة المسيء من بينهم وطرده والتنكر والتنكيل بحق الأشخاص المتهورين ومثيري الفتن وغير الملتزمين بالضّبط العرفي ولا بالسن العشائري، وهذا الأمر قد عزّز دور العشيرة من خلال قانونها الرادع لكل مسيء في المجتمع العراقي, هذا وقد تجسد العرف المذكور عندما ضعفت المنظومة القضائية والتنفيذية، بعد أن توالت الأحداث الظّلماوية بعد عام التّغيير واسقاط النظام الدّكتاتوري, ظهرت تيارات قوية استطاعت اختراق القوانين الوضعية والشرعية في المجتمع العراقي, لكن الذي أجهض الشر بكل امتداداته الحضور الرائع للعشيرة على شتى المستويات السياسية والأمنية, وقد تجلى ذلك من خلال الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة أبّان هيجان ضعاف النّفوس في النّهب والسّلب، الّذي سمّي بعد ذلك بصفحة «الحواسم» , أمّا الجانب الآخر في الإيجاب العشائري العرفي هو المقبولية الواسعة في المجتمع، كون القرارات التي يصدرها في ساحة العشيرة أثناء الملمات هي قطعية وغير خاضعة للطعن والتمييز، مهما كان حجم المعضلة جنائية كانت أم مالية، لذلك سأم النّاس التّوجه إلى المحاكم ذات الرّوتين المُمِل بين المُحامين وأشباه المُحامين والتّباين بين الشّهود والمشهود عليه, وقد يتعدى ذلك بين المرافعات والطّعون الّلاحقة أكثر من سنة, في حين يتمَّ الحسم السّريع لأعظم المعضلات في جلسة عشائرية واحدة، وهذا لا يعني التشكيك في المنظومة القضائية العراقية الخالدة، وإنّما الّذي نعنيه هو الاستقلالية في القانون ومخرجاته، كما ينبغي تحت راية مجتمع مدني متطور ومؤسّساتي وليس وفقاً لما تؤطّرهُ الأحزاب والقوى السياسية، التي فرضت وجودها في عراقنا بالقوة والتغلغل في مفاصل الدولة وقانونها الوضعي, كما أنّ الأكثر خطورة من ذلك أنّها قد زحفت بسرعة البرق على منابع النّفط والمنافذ الحدودية، وفرضت وضعاً مغايراً للشّركات المتاخمة للعشائر الجّنوبية والتّقاسم للمغانم غير المشروعة والخارجة عن سياق توزيع الثّروات الطّبيعية بين الشّعب كَكُل، وليس كما يصار في بعض المواقع النّفطية في الجّنوب, هذا وقد ظهرت حالة غير مألوفة في الوسط العشائري الميساني، خصوصاً مع الّذين صدؤوا أمام المغريات وبان معدنهم الرديء، من خلال التّعامل بالمخدرات المرفوضة ديناً وقانوناً وسلوكاً وتصرفاً مع عشائرنا ذات الأرقام الصّعبة في المعادلات الاجتماعية والشّريعة المقدّسة, وهذا ليس من دواعي الكيد أو الجّزاف وإنّما أكدته المراجع الحكومية الرّسمية، عندما دفعت بالمزيد من قواتها الأمنية إلى محافظة ميسان لتدارك الأمر الخطير بالقرب من الشّركات المعنية والمنافذ الحدودية، لكبح الجماح لمروّجي المخدرات الخطيرة .