ديمقراطية الأثلاث المعطلة

آراء 2022/03/28
...

 حمزة مصطفى
 
وصلنا بعد أربع دورات انتخابية تقوم على الديمقراطية التوافقية إلى مأزق لا أقول يصعب الخروج منه، بل أقول كيفية الخروج منه؟ الديمقراطية التوافقية التي درجت عليها الطبقة السياسية العراقية بأحزابها وكتلها منذ أول انتخابات (عام 2005) إلى الدورة الأخيرة التي وصفت بالمبكرة، وهذه تسمية لها دلالتها وسوف نعرج عليها هي في الحقيقة التسمية المحسنة للمحاصصة العرقية والحزبية والطائفية والعشائرية والمناطقية. فطبقا للأرقام والأحجام والمخرجات فإن كل الدورات البرلمانية الماضية، كانت في الواقع خليطا من العرقية والمذهبية والحزبية والمناطقية والعشائرية. وبالتالي فإن العلاقة بين الناخب والمرشح هي بالضرورة علاقة زبائنية قوامها تبادل المنافع بين الطرفين (الناخب والمرشح)، ومن ثم بين كل الأطراف (الكتل والأحزاب والطوائف والأعراق). وقوام هذه العلاقة الإتفاق على آلية خاطئة للترشح للمناصب والمواقع، بدءا من الرئاسات إلى المواقع الأخرى تقوم على التغاضي عن طريقة وأسلوب وكيفية الترشيح. 
ولأن العلاقة بين الناخب والنائب بعد الفوز في أي انتخابات تبقى هي الأهم، فإنه ونظرا لعدم وجود مشاريع أو أصلا عدم فهم من غالبية النواب لدورهم في التشريع والرقابة، فإن هذه العلاقة تهبط في “زبائنيتها” إلى أدنى المستويات بحيث يتحول النائب إلى أقل من عضو مجلس بلدي في محلة وربما من زقاق في محلة، ناهيك عن قيامه أحيانا بدور مختار المحلة التي قوام سكانها بضع مئات لا نائب يمثل بموجب الدستور 100 الف مواطن عراقي. كل هذا أدى إلى تعطيل كل شيء وأولها التنمية وشروطها وكيفية استثمار الموارد في بلد غني، بل يصنف من بين أغنى بلدان المنطقة. 
بعد انتخابات عام 2018 وما انتهت إليها من نتائج عبر تحالفين سياسيين بدا أنهما خرجا من وصفة الديمقراطية التوافقية الفاشلة شعرت الطبقة السياسية إنها وصلت إلى مأزق حقيقي. ولأن لا حلول لديها فقد اندلعت الانتفاضية الجماهية، التي حصدت أرواح مئات الشهداء وعشرات الآف الجرحى. في مسعى منها لتدارك المأزق استجابت الطبقة السياسية إلى أحد أبرز مطالب حراك تشرين وهو الإنتخابات المبكرة. جرت الإنتخابات وظهرت نتائجها التي أربكت حسابات الجميع. وبدلا من الخروج من المأزق دخل الجميع في ما بات يسمى الإنسداد السياسي. ولعل التعبير الأمثل لهذا الإنسداد ما بات يعرف بالثلث المعطل عند طرف والضامن عند طرف آخر وبينهما ثلث ينتظر هو الشعب، الذي انتخب الثلثين.. هل يبقى يلدغ من نفس الجحر .. 5 مرات؟