بغداد: نوارة محمد
الصفوف اليوم تخلو من ضجيجها المعتاد، والممرات في المدارس لم تكن مزدحمة هذه المرة بخطوات الطلبة. كانت الأعداد تقل والأصوات تتلاشى، لا سيما بين المراحل المنتهية، وسرعان ما وجد الطلبة أنفسهم ضحية الاستغلال المادي لأساتذة التدريس الخصوصي في المعاهد، الذين يتقاضون أجوراً عالية قد تصل للملايين.
ارتياد المعاهد الخصوصية لم يكن قراراً سهلاً على الطلبة والطالبات، بل إن كثيراً منهم أجبروا على ذلك، بسبب تردي حال المدارس أو لربما أن أغلب أساتذة المراحل المنتهية أصبحوا منشغلين أكثر مع طلابهم في المعاهد الخصوصية.
أحمد الذي قرر أن ينتقل إلى المدارس المسائية وهي حيلة يلجأ إليها الطلاب كي يسمح لهم الوقت بقضاء أوقات الدراسة في المعاهد يقول "كُنت سأكتفي بأساتذة مدرستي، لكني أدركت أنني لستُ سوى ضحية الجشع.
ويوضح أن "الأستاذ في الصف يختلف عما هو في المعهد الخصوصي، الذي تقل فيه الأعداد ويكون التركيز عالياً، وكنتُ مجبراً على دفع نفقات إضافية وتكاليف عالية لأساتذة الدروس الخصوصية."
أحمد علي كريم في هذه المرحلة المهمة من عمره يستعد لأداء الامتحانات الوزارية للسادس الإعدادي نموذج لطلاب كثيرين.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن قرار وزارة التربية والتعليم بمنع التدريس الخصوصي من قبل المدرسين والمعلمين، مهددة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يخالف ذلك، لم يقف بوجه هذه الظاهرة، لا سيما أن بعض المدرسين يتفقون مع طلابهم على السرية التامة في التعامل، وهذا ما شهدناه في مدرسة أبي العلاء المعري في الرصافة الأولى بحسب الطالب (ف،ب) الذي رفض أن يذكر اسمه، "ليس غريباً أن يلجأ الطالب للمعهد الخصوصي، لا سيما أن الأستاذ يجبر طلبته بشكل أو بآخر على الاعتماد على طرق بديلة، خصوصاً في مرحلة مصيرية كهذه".
بعض المدرسين ينفون هذه الظاهرة، ويعللون أن الصفوف المدرسية غير نظامية للحد الذي يجعلهم يمارسون دورهم كما هو في المعاهد الخصوصية، وتقول مدرسة الفيزياء أمل حميد "لسنا قادرين على ممارسة عملنا كمدرسين بين خمسين طالباً في الصف المدرسي، كما هو في قاعة لا تزيد على خمسة طلاب، وهذا سبب كافٍ يؤثر سلباً في استيعاب الطالب وتركيز الأستاذ على نقاط الضعف".
الأهم من ذلك، من المُنقذ؟ وما هو مصير طلاب الطبقة الفقيرة؟ ومن يعيد ترتيب هذه الفوضى!.