الأكاديمي

آراء 2022/03/29
...

  د. شاكركتاب 
 
 لعل هذا اللقب ينحدر من مدرسة أفلاطون "أكاديميا"، التي كان يلقي فيها محاضراته ‏على طلبته الفلاسفة، ومن بينهم أرسطو طاليس. أفلاطون واغلب تلامذته كانوا منخرطين بالهمّ السياسي وبأوضاع بلادهم وشعبهم. 
أستاذه سقراط تقبل حكم الاعدام سمّاً برباطة جأش وشجاعة بسبب آرائه السياسية. أفلاطون كتب تصوراته عن المدينة الفاضلة ورأى ان الدولة يجب أن يقودها الفلاسفة المفكرون 
الأكاديميون. 
تلميذه ارسطو له كتاب في السياسة. ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ينخرط الأكاديميون في هموم شعوبهم وكيفية معالجتها ويؤدون أدواراً فاعلة في وضع الحلول لها وحتى تنفيذها. 
لذلك يتوهم كل من يظن أن الأكاديمي هو نزيل الأبراج العاجية وسجين صومعته العلمية ومكتبة بحوثه. 
الأكاديمي هو الابن البار لشعبه وبلاده وحمّال همومهما ويسهم مباشرةً في خلق الأسباب المؤدية إلى تحرير الوطن وإسعاد الناس. 
الأكاديمي لا يكتفي بواجباته المهنية المحدودة بل أن ضميره الوطني وشعوره الإنساني يضطرانه للتوفيق بين المهني والوطني. 
الأكاديمي ليس متفرجاً على آلام شعبه وانتكاسات وطنه على أيادي المحتلين الطامعين بدمائه وخيراته 
وموارده. 
والأكاديمي هو الأكثر من غيره وعياً ودرايةً بالمؤامرة التي تحاك ضد العراق من أجل تجويعه وتفتيت شعبه 
وأراضيه. 
الأكاديمي يتابع بدقة وبقلق تفاصيل النوايا الرامية إلى إذلال الناس وتحويلهم إلى بطون همّها الأول البحث عن اللقمة. 
ويتابع كيف أن حتى هذه اللقمة ما عادت سهلة وقريبة. يتابع بقلق ويتألم على ما تتعرض له ثقافة البلاد الوطنية والديمقراطية والانسانية من نسف وإلغاء تام على يد عقول الخرافة 
والأساطير. 
الأكاديمي يتصدى للطائفية التي تنهش لا في جسد الأديان النبيلة وقدسيتها بل راحت تمزّق وحدة شعبنا، الذي لم يلتفت على طول تاريخه إلى خباثات المتصيدين بالزوايا المظلمة عما يشفي غليلهم المريض والدوني. 
الأكاديمي يشعل شمعات الوعي والعلم والمعرفة والنهج الصحيح في طرقات الحياة اليومية والعامة. 
الأكاديمي ينشر التفاؤل ويرفض السوداوية. يبعث الأمل ويرفض اليأس. الأكاديمي قائد. الأكاديمي ناشط سياسي اجتماعي ثقافي ومبدع علمي.  ويكذب كل من يدعي أن الأكاديمي هو هذا الأنيق الرشيق المتعالي المنعزل المتكبر الخائف المتردد. 
الأكاديمي العراقي صاحب رسالة مقدسة. هي رسالة الوطن وتحرير الوطن. رسالة الشعب ونهضة الشعب. فهو نموذج يحتذى ومثال يقتدى. لأنه صاحب قضية كبرى هي قضية بلاده وشعبه. 
وهل من قضية أسمى منها؟ هل من قضية أكثر نبلاً من قضية وطن وقضية شعب؟ تحية إلى كل أكاديمي نذر نفسه للوطن والناس كما نذر أيامه للبحث العلمي والمعرفي من أجل ثقافة علمية رصينة ومنهج في الحياة واقعي وانساني.