حسن العاني
في حدود ما درسته في الإعدادية والجامعة، وما اطلعت عليه عبر قراءاتي الخاصة، زيادة على ما سمعته أو تعاملت معه مباشرة ضمن تجاربي الحياتية الواسعة، لم أصادف حقلاً من حقول المعرفة، سواء العلمية أم الإنسانية، يمتلك هذا العدد الكبير من (المفردات) مثل الحقل الاقتصادي، وذلك بسبب رقعته الواسعة تاريخياً وحياتياً، فهو البيع والشراء والمصارف والعملة والتجارة والحسابات والميزانية و.. الخ، وكل مفردة تعبر عن (مصطلح) وتؤدي معنى خاصاً
بها.
بدأ الاقتصاد كما هو معلوم بشتى فروعه ومسمياته بصورة بسيطة مع البدايات الأولى لتكون المجموعات البشرية، وعلى وجه التحديد في ميدان البيع والشراء، حيث كان هناك ما يعرف باسم (المقايضة)، أي إبدال سلعة بسلعة (التبادل السلعي)، كأن تشتري سمكة مقابل كيلة قمح، أو تشتري امرأة لغرض الزواج مقابل خروفين او أربعة خرفان على وفق عمرها وجمالها وعافيتها! ومع ظهور الأشكال الأولى من (العملة) توقفت المقايضة، وأصبح البيع والشراء قائمين على معادلة جديدة: عملة (نقود) مقابل بضاعة..
في البلدان التي تحكمها المبادئ والأخلاقيات وروح الدين الحقيقي، دأبت الناس على التعامل من منطلق (الثقة)، وما زال البعض حتى في ألفيتنا الثالثة يعتمد على هذه الثقة، كأن تقول لصديقك أو جارك، أو يقول لك (لي في ذمتك نصف مليون دينار) من دون حاجة إلى ورقة أو شهود، وإذن فأساليب الاقتصاد ومصطلحاته هي الأوسع انتشاراً في حياتنا وتعاملاتنا، وليس أدل على ذلك من شيوع مفردات على غرار: الربا، الرهن، الفائدة، التوفير، القطاع العام، القطاع الخاص، الضريبة، القرض، السوق الحرة، الاستيراد، التصدير، الميزانية.. الخ .
منذ زمن بعيد شاع في لغة التجارة والبيع والشراء مصطلحان هما (البيع بالنقدي) و (البيع بالأقساط)، وقد عرفنا في العراق مثلما عرفت دول الجوار والمنطقة والعالم هذين المصطلحين، وهما في غنى عن الشرح أو الإيضاح، والفرق بينهما أن النقدي في الغالب يتم مع المقتنيات البسيطة كالقميص أو الفاكهة أو قلم الحمرة، اما الأقساط فعادة مع البضائع الغالية نسبياً، وقد شاعت في السنوات الأخيرة ظاهرة البيع بالأقساط المريحة، بحيث شملت كل شيء في الحياة من غرفة نوم العروس إلى شراء الشقق السكنية حتى وصل الأمر إلى أن بعض بلدان (جنوب غرب آسيا) تتولى تشكيل حكومتها بالتقسيط المريح، أي في كل شهر يتم تعيين وزير أو وزيرين!.