الحرب جريمة

آراء 2022/04/01
...

 حميد طارش
 
كانت الحرب وسيلة مشروعة لفض النزاعات في حال عجز الوسائل السلمية عن حسمها، الّا أن آثار الحروب لم تكن شاملة وإنما تقتصر على المتحاربين في الدول المتنازعة، وإما المدنيون والبنى التحتية والدول الاخرى فهي في مأمن من ذلك... لكن باندلاع الحرب العالمية الثانية وما خلفته من آثار مدمرة على المدنيين وأسرى الحرب ومصادر الطاقة والغذاء والتي أمتدت الى جميع دول العالم... دفعت هذه الدول عبر ممثليها من مؤسسي منظمة الامم المتحدة ليعلنوا تحريم الحرب وتجريمها، فضلاً عن إبرام اتفاقيات جنيف لأنسنة الحرب أي تجريدها من كل ما يخل بالمبادئ الانسانية التي تقتضي احترام وحماية المدنيين والأسرى، بل وحتى العسكريين في حال عجزهم عن القتال، وضرورة إيصال المساعدات الطبية والإنسانية الى مناطق النزاع، وربما جاءت هذه الاتفاقيات بسبب القناعة باستمرار نشوب الحروب وما يمكن ان يترتب على الاستثناء الوارد في ميثاق الامم المتحدة من مشروعية الحرب في حالة العدوان والدفاع عن النفس، وما يمكن أن يشكل من ثغرات مبررة لاندلاع الحروب، ليس هذا فقط وإنما استمرار التحالفات العسكرية والانقسام الدولي وتشكيل بؤر صراع إقليمي ودولي وما ينعكس منها على شكل حروب أهلية داخل الدول، واما سباق التسلح وانتاج السلاح النووي واسلحة الدمار الشامل فهي عوامل أخرى تؤكد عدم جدية دول العالم في التخلص من الحروب التي لم تكن في يومٍ ما وسيلة حل وإنما وسيلة قتل وخراب وجوع وتشرد وكراهية وانقسام، ثم بعدها يتم التفاوض لحل الأزمة وكان الأجدر اللجوء اليها لمنع الحرب
 وويلاتها. وهذا ما يحدث اليوم في الحرب الروسية الأوكرانية، فالجميع ينتظر المفاوضات كحل وحيد ، وليس الحرب ، للأزمة بين الدولتين بل إن الخطأ لا يتعلق فقط بتلك الدولتين وإنما يشمل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت قادرة على لعب دور أهم لحقن الدماء ومنع ما يحدث اليوم من ألم لا تستطيع جميع أموالهم، وليس تبرعاتهم، أن تعوضه وذلك لو أنتهجت سياسة التعاون بدلاً من التكتلات والأحلاف العسكرية، بل وصلت هذه التكتلات لضمِّ أوكرانيا الواقعة على الحدود الروسية مما يعني في المفاهيم السياسية الدولية وجود خطر يهدد الدولة الروسية، بسبب الصراع بين الدول الكبرى، نعم أوكرانيا دولة ذات سيادة ولها الحق في خياراتها، لكن هذه السيادة ليست مطلقة وإنما تقيدها حدود المصالح والصراعات الدولية التي عجز العالم عن تنظيمها في إطار تجنب الحروب، مما يقتضي إعادة النظر بالأمم المتحدة وميثاقها الذي عجز عن حفظ السلم والأمن الدوليين.