دراما رمضان المسلسلات العراقيَّة بين الكوميديا والجديَّة

ريبورتاج 2022/04/03
...

 سرور العلي 
 
نزار شهيد الفدعم، مخرج سينمائي وتلفزيوني ومنتج، عبر عن رأيه بالأعمال التي تعرض في رمضان قائلاً: «الأعمال الدرامية التي عرضت في السنوات الأخيرة تفاوت مستواها، واختلف حسب الظروف ومستوى الإنتاج والتحضيرات، لكن في السنة الماضية شاهدنا بعض الأعمال التي تبشر بخير، بشكل عام نجد تقدماً في الدراما العراقية من حيث التقنية والإنتاج، لكن يبقى الإنتاج الدرامي العراقي في ظل غياب الإنتاج الحكومي يحمل التوجه الفكري للقناة أو لجهة الإنتاج على حساب الدراما، وبعملية مفضوحة تبعث الملل في بعض الأحيان من خلال الطرق على موضوعات أصبحت مكررة، وليس فيها جديد، الفساد السياسي والبيروقراطية، والطبقة الطفيلية الجديدة التي نشأت وتوغلت، هذا هو الواقع الذي نعيشه، لكن المعالجة الدرامية السطحية الفجة فرغت المحتوى من المضمون.
 
احتياج
من جانب آخر هناك بعض الأعمال الدرامية التي ناقشت موضوعات ثورة تشرين، والمآثر التي حصلت فيها، وأضاف الفدعم «لكن تظل هذه الأعمال مع كل التقدير للعاملين فيها، ولأهدافها دون المستوى المطلوب والطموح، نحتاج إلى دراما فكر تخاطب العقل والمنطق وليس العواطف، تصاغ من قبل صناع مهرة، قادرين على إيصال ما هو مطلوب منهم بدقة وبجمال ومتعة».
ولفت الفدعم إلى أن دراما رمضان خلقت لنا ممثلين شباباً جدداً، وكتاباً يتلمسون طريقهم، ومخرجين وفنيين احتضنهم القطاع الخاص، وأتاح لهم الفرصة في أعماله وأحسن توظيفهم، لكنها من جانب آخر افتقدت لكبار الكتاب مثل صباح عطوان، وعلي صبري، وحامد المالكي، وعلي حسين، وكذلك بعض المخرجين الذين تم تغييبهم عمداً من قبل بعض القنوات والمنتجين، لأنهم لا يستجيبون لشروطهم.
كذلك افتقدنا للمسلسل الدرامي الشعبي أو الاجتماعي، الذي يخاطب الأسرة العراقية، ويكون نقطة استقطاب لكل أفرادها أثناء وقت عرضه، لكن الذي يسعدنا في هذا الشهر الفضيل أن الدراما العراقية سواء كانت مسلسلات أو برامج درامية تأخذ حيزاً كبيراً من وقت المشاهد، وبروز ممثلين وممثلات شباب حققوا نجوميتهم وأكدوا حضورهم.
 
أنشطة
وأكد الفدعم «يبدو رمضان هذا العام حافلاً بنشاط درامي كبير، تم الإعداد له، والتحضير من قبل جهات الإنتاج بوقت مبكر عند البعض، بل إن هناك فضائية عراقية (UTV) رفعت شعار لها أن هذا رمضان (بس عراقي)، لأن الدراما العراقية مطلوبة ليس من العراقيين وحدهم، بل حتى من دول الجوار، وأذكر من خلال تجربة شخصية عندما كانت فضائية العراقية تعرض مسلسل (آمال وآلام)، فاجأني أصدقاء عمانيون لي في سلطنة عمان، حين أخبروني بأنهم كانوا يتابعونه”.
 
افتقار
الدراما في العراق ينقصها الكثير، ينقصها أن تغطي الخارطة البرامجية للفضائيات العراقية طوال السنة، وليس أن تقتصر على شهر رمضان، بحسب الفدعم، وتابع حديثه «ينقص الدراما والفنان، وشركات الإنتاج الرعاية والدعم الحكومي من خلال رصد مبالغ ممتازة للإنتاج الدرامي، تصرف بشفافية من قبل القائمين عليها، لغرض إنتاج مسلسلات أو أن تمنح لشركات الإنتاج الفني أعمال بصيغة منتج منفذ ومراقبة المنتج المنفذ، وعدم التساهل معه عند التنفيذ أو القيام بشراء الأعمال الفنية المنتجة من قبل القطاع الخاص، وعرضها على شاشة فضائية العراقية، وإنشاء فضائية خاصة بالدراما العراقية، ليس هناك مانع من الاستعانة بمخرجين وفنيين كبار، وفنانين نجوم من البلاد العربية والأجنبية، لغرض العمل في الدراما، وليست الاستعانة بمخرجين غير معروفين مثلما يحصل الآن عندنا لم يستطيعوا أن يثبتوا أهليتهم حتى في بلدانهم، فتمت الاستعانة بهم نكاية بالمخرج والفني العراقي، إذ تتصور بعض القنوات أنها نكاية به، أو يتطاير المنتج المنفذ من متطلبات وشروط المخرج العراقي الفنية فيستعين بمخرج يكون له عصا ومتكأ بتمشية العمل بأقل المصاريف والتكاليف، ويكون مطيعاً لأوامره على حساب العمل الفني».
 
تنوع
موضوعات الدراما العراقية يجب أن تتنوع وتختلف، ويكون منها التاريخي الذي يستمد قصصه من تاريخنا العربي والإسلامي والآشوري والسومري، وكذلك عمل مسلسلات السيرة التي تروي سيرة شخصيات مؤثرة، ولها دور كبير في صناعة التاريخ والقرار من خلال عطائها العلمي والثقافي والأدبي والإنساني والفني، لأن الذي ليس له تاريخ ليس له مستقبل، وكذلك إنتاج مسلسلات وأعمال فنية حربية تجسد انتصاراتنا في تحرير مدننا من قوى الظلام (داعش)، ويجب أن تكون هناك أيضاً مسلسلات ذات موضوعات وطنية واجتماعية، وكوميدية وموسيقية، وتربوية وتعليمية، وهذا التنوع والاختلاف يسد احتياجات المشاهد العراقي والعربي من الدراما، ويخلق حركة فنية نابضة وهادفة، وقادرة على التأثير، ويمكن من كل هذا التراكم الكمي أن نتميز بإنتاجنا الدرامي، الذي يحتاج ايضاً إلى إعلام ودعاية قوية، إذ يجب أن يتم توظيف ميزانيات كبيرة في هذا المجال، لأن مردودها يرجع على العراق ككل، كون الدراما هي المرآة العاكسة للثقافة والفنون والرقي والتطور وهي وثيقة حية.   
 
مقترحات
واقترح الفدعم للنهوض بالدراما العراقية إيجاد بنية تحتية، وأجهزة ومعدات حديثة، ومدينة للإنتاج الإعلامي والفني، تحتوي على استوديوهات حديثة ومتطورة حتى تكون نقطة استقطاب لكل نتاج المنطقة الدرامية، لأننا نملك التنوع الجغرافي والكفاءات والإمكانيات الفنية، والسوق ونقطة وصل بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وكل هذا لن يتحقق من دون أن نرفع من مستوى الفنان العراقي والارتقاء به معاشياً، وثقافياً، وصحياً، ونوفر له كل الأجواء الصحية للعمل.  
وأكد التربوي أياد مهدي عباس: «اعتادت الأسر العراقية في ليالي شهر رمضان المبارك من كل عام  على الاهتمام بمشاهدة الفضائيات العراقية والعربية، والانجذاب إليها بعد الإفطار من ساعات الليل، ومتابعة ما تقدمه هذه الفضائيات المختلفة من نتاجات فنية متنوعة، وخصوصاً الدراما التلفزيونية التي تتناول مواضيع مختلفة في أغلبها تكون ذات طابع بعيد عن الأجواء الروحانية التي يفرضها شهر رمضان المبارك على الأسرة المسلمة، إذ تترك بعض هذه المسلسلات أثراً في نفوس المشاهدين، فتثير موجة من الجدل بين الأوساط الاجتماعية، بسبب محتواها الهابط وغير المناسب مع قدسية شهر رمضان المبارك، والتي لا تتماشى مع الذوق العام السليم للمسلم، فضلاً عن خصوصية هذا الشهر الفضيل الذي أراد الله فيه من المسلم أن يجتهد في الطاعة والعبادة، والتقرب إليه بالصلاة والذكر وقراءة القرآن الكريم، وأن يبتعد عما يشغله عن بلوغ هذا الهدف السامي، كي ينال أجر الصيام والقيام في هذا الشهر الكريم». 
وأضاف عباس: «وبما أن الكلمة المصورة تأخذ أثرها في نفوس المشاهدين والمتلقين أكثر من الكلمة المقروءة، فبمقدور الفضائيات العراقية والعربية أن تلعب دوراً مهماً في تعزيز القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع، لاسيما في شهر رمضان المبارك، بسبب مكانته وقدسيته في نفوس المسلمين، وذلك من خلال كتابة القصص الدينية، وإخراج المسلسلات التاريخية الإسلامية الهادفة التي تجسد مبادئ الدين الاسلامي الحنيف، والتركيز على منهج الإسلام الوسطي المعتدل، ومعالجة المشكلات الاجتماعية والأخلاقية التي أخذت بالانتشار بين صفوف الشباب المسلمين، كالتطرف الديني وتعاطي المخدرات، وظاهرة الانتحار وغيرها من الظواهر السلبية الخطيرة التي تهدد سلامة المجتمع الإسلامي».
وأشار المواطن حسين محمد إلى أن الأعمال الدرامية التي تدور حول القضايا الوطنية والمشكلات الاجتماعية، هي الأكثر مشاهدة وقرباً من المواطن العراقي، كونها تلامس الحياة الواقعية وما مر به من أزمات وتحديات، كمسلسل «كما مات وطن» الذي جسد الاحتجاجات العراقية، وانتشار جائحة
كورونا.