ماذا نفعل لو هاجمنا البرابرة؟

ثقافة 2022/04/03
...

نزار عبد الستار
يحكى أن شخصا كتب رواية ضخمة وجاء بها إلى برنارد شو طالبا منه أن يشرفه بوضع عنوان لها، فسأله شو إن كانت الرواية تحتوي على آلات موسيقية، فرد الكاتب إن روايته ليس فيها شيء من هذا، فقال شو بحماسة: ليكن اسمها «بلا آلات موسيقية».
لا تتوفر للجميع فرصة التخلص من الطفيليين بطريقة شو الطريفة، فبرابرة الرواية الان في كل مكان، وقد تمكنوا من إقناع الجميع أن الريبورتاجات الصحفية إذا طالت قليلا يمكن لها أن تكون رواية.
لقد عرفت البشرية منذ الأب آدم فن الروي الاخباري الذي تحول بعد ذلك إلى فن الأسطورة الشعري ثم إلى الحكاية الخيالية النثرية، ومن هنا بدأت محاولات السرد تتبلور إلى أن خلق الله لنا الاسباني ميغيل دي سيرفانتس الذي نشر الجزء الأول من كتاب دون كيخوته عام 1605 لتبدأ معه الرواية التي احتاجت إلى ثلاثة قرون كي تنال درجة الفنية العالية.
قضية إطلاق تصنيف الرواية على الهذيانات الريبورتاجية هي ظاهرة عراقية عربية بامتياز ففي الغرب توجد تصنيفات عدة للاعمال الأدبية وهي موجهة لفئة معينة من القراء وتكتب متسلسلة كالدراما المكسيكية والتركية وليس فيها انتقاص من ثقافتهم، فهناك من يحب قراءة الأعمال البوليسية وروايات الحب وهناك أعمال تتوجه للمراهقين والعمال وحتى للمثليين، وأهم ما يميز هذه الأعمال أنها تمتلك قدرة فائقة على الروي المشوق البسيط الخالي من التقعرات، 
وهي الأكثر مبيعا على مستوى العالم.
ما تسمى الان بالرواية العراقية لا تفتقر فقط إلى المعايير الفنية الروائية وإنما هي خالية من كل المحسنات فلا الأسلوب ولا تقنيات الروي ولا حتى الجذب تتوفر فيها بل العكس نرى الركاكة والتفكك واللغة المشوهة وعدم قدرة مؤلفها على تفسير الأشياء بالمنطق الصحيح، كما أنها تخلو من التجربة الإنسانية العميقة، والأنكى من كل هذا أنها أعمال مؤذية فهي تسمم الأذواق الناشئة وتزيد مستوى الغباء وتجعل الجهل يتفشى.
المشكلة الكبرى أن هؤلاء البرابرة لا يتواجدون في شارع المتنبي فقط وإنما يتكاثرون في جامعاتنا ويظهرون في الدراسات العليا. أما ماذا نفعل وقد احتل البرابرة ثقافتنا فأعتقد أن الانتظار إلى أن يذوب الزبد هو الحل الوحيد.