العوق والنظرة الاجتماعيَّة

آراء 2022/04/04
...

 علي لفتة سعيد
 
ثمة أشياء لا يتدخل فيها الإنسان لأنها تكون ما يشبه القدر، وهي لا تشهب السلوك أو التربية او الثقافة أو الوعي، بل هي ترتبط بالخلق والخالق. 
ومنها العوق الذي تتعدّد صفاته وأنواعه وأمكنته ودرجة شدّته، ولذا فإن التنمّر من صاحبها يعني التنمّر على شيءٍ ليس له دخل فيها، بل لعوامل عديدة، بل قد يقول قائل إنها (خلقة الله) التي تعطي فرصةً لمن ليس لديه العوق أن يحمد الله على اكتمال ما لديه من خلقة.. ولذا فإن الأمر بحاجةٍ إلى فهمٍ الآخر لما حوله وليس فهم المعاق لماذا هو
 كذلك.
والمعاق جسديًا لا يعني أنه معاق عقليا.. فلا إنسان بلا نقصان سواء كان النقص ظاهرًا أو باطنا.. فربما هناك إنسان يرى نفسه كاملًا وهو معاق التفكير ولا أقصد مجنونا.. لذا فإن هذه الشريحة من المعاقين بمختلف درجات العوق هم لا يختلفون تفكيريًا عمّن لا يشكون ظاهريًا من الإعاقة 
الجسدية.
من جانب آخر فإن البعض منهم لا يستغل ما لديه من طاقات (معوّضة) عن ذلك النقص من أجل استثماره في إنتاج ما لا يقدر عليه لو كان غير معاق.. فالطاقة شيء كامن في القدرة والاستنباط والتفكير، وبالتالي الإنتاج لصالح الذات والآخر ليكون فاعلًا في المجتمع.. ولكن البعض منهم يستغل النصّ لأغراض ليست إنتاجية فاعلة لصالحه، بل استغلال ما يمكن أن يستدر العواطف بطريقةٍ غير مؤهلةٍ، لكي يكون فاعلا.. فيكون تحت رحمة الاستجداء مثلا، كونها أسهل الطرق للحصول على المردود المالي الذي يعينه على مواجهة الحياة ومتطلباتها خارج عملية استثمار 
العوق. 
استجداء بطريقة من يقول للآخر إنك سالمٌ وأنا معاق، وهو ما ينتج عاطفيًا في الجهة الأخرى حمدا للخالق على سلامة خلقه معه، دون أن يدري أن الآخر الذي يمنحه (فتات) ما يعتقد إنها كافية للحمد والشكر، أو حتى لرفع رصيده الإنساني، متناسيًا أنه بهذا يؤذي المعاق ويجعله في مرتبة غير جيدة اجتماعيا.. وهو ما يحتم على الدولة أن توفّر فرص عمل للمعاقين ومن ثم العمل على إيجاد قوانين تمنع تحوّل المعاق إلى متسوّل، رغم أن الأمر صعب، لأن هناك (عصابات) تستغلهم بشكلٍ رهيب، وتلك طامة أخرى في تخريب المجتمع، دون أن تكون هناك ثقافة بالمجال الشرعي والوطني والإنساني وحتى الاجتماعي، أن المعاق جزءٌ فعّالٌ ومهم من عناصر المجتمع وأن بإمكان استغلال الطاقة الكبرى داخل كلّ منهم، من أجل زيادة الفاعلية المجتمعية والثقافية، فكم من معاق كان عالمًا وأديبًا مشهورًا وحتى رياضيًا، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولدى كلّ واحدٍ منّا اسم في مخيلته يدل على أن المعاق بإمكانه الإبداع أكثر من غيره، لو أراد التحدّي.