الجمال والشر

آراء 2022/04/04
...

 كاظم لفتة جبر 
 
نعرف أن مفهوم الجمال مفهوم سائل متحول بحسب أبعاد إرادية وغير إرادية تتعلق بالإنسان والحيوان والجماد، وما فوق ذلك، فكل فعل جميل فهو خير، بحسب السنن الأخلاقية لدى الإنسان قديماً، وخير من أسس تلك القاعدة هو الفيلسوف سقراط عندما رأى أن الخير هو الجميل المفيد، فكل ما هو موجود في هذا العالم خير وجميل بشرط أن يحقق غايته، وهذه الغاية مرئية محسوسة،او غير مرئية، لكن مع أرسطو تبدل الحال واتسعت الرؤية الجمالية ليرتدي الجمال ثوبا جديدا تعددت الوانه وغاياته، لذلك رأى أن الجمال كواقع هو انعكاس للخير والشر في عالمنا، لذلك نظم الدراما على هذا الأساس، محاكاة الواقع وجوهره، بعكس سقراط الذي حدد الجمال بالفائدة الخيرة، وعكس أفلاطون الذي حدد الجمال بالمثُل، فالمثالي جميل، والجميل هو المثالي، وكل ما موجود في هذا العالم ما هو الا ظل وصور مزيفة للجمال، الا أن ارسطو رفض ذلك والتزم بدراسة الواقع لمعرفة الجمال وتحولاته، لذلك نُظم عقل الإنسان على أن الجمال خير والقبح شر، لكن هذا التداخل من قبل مفهوم الشر على الخير من باب الجمال يفتح لها باب المناقشة، فهل الفعل الشر اذا كان جميلاً يكون خيرا، لكون الجمال بحسب سقراط وافلاطون والمثالين مرتبطا أشد الارتباط بالخير، وكذلك مرتبط بالحسن، وهذا الآخر مرتبط بالرضا واللطف بحسب الجرجاني في حديثه عن الجمال، اذن الشيء الحسن هو الجميل، سواء كان فعلا ماديا أو معنويا، لكن هذا الحسن هو الذي يوفر الرضا واللطف لا يرتبطان بهما فقط، لكون مفهوم الرضا مرتبطا بلذة المتذوق، أنا نفسي ترضى لفعل الخير، والآخر نفسه ترضى لفعل الشر، فالرضا لا يتحدد بالجميل، وكذلك اللطف فهناك لطيف لكنه شر، ويسكنه القبح لكون مفهوم اللطف توفره الأفعال التي يحملها الجميل، فالرضا داخلي يخضع للمتذوق، واللطف خارجي يخضع للموضوع الجمالي، ولهذا التماهي بين الرضا واللطف نرى أن يمكن أن يكون الشر جميلا لكونه يوفر الرضا، وأن يكون الخير لطيفا لكونه يرتبط بالرفق والحفظ، فالشر جميل عندما يسكن ويرضي الدوافع النفسية لدى الإنسان، وجميل عندما يكون ذات غاية وجودية، لذلك بعض الحسن شر وبعض القبح خير، ويتغير الوضع كلا بحسب غايته وتمظهره من ناحية طبيعي وجودي من خلال الفناء، ومن خلال السلوك الإنساني وعلاقته بالآخر والموضوعات والكائنات الموجودة في هذا العالم، أو من خلال اللذة بالموضوع الجميل، أو من خلال الفنان الذي يظهر القبح والقتل كشيء جميل في لوحاته، فالشر يكون جميلا بحسب 
غاياته.