خلاف التنظير

آراء 2022/04/04
...

 بشير خزعل 
في الأوضاع الراهنة التي تنذر بسوء مستقبل الأيام القادمة على مستوى العالم، العراق كدولة يشوبها الاضطراب والقلق السياسي المهيمن على مفاصل البلاد، لا بدَّ له أن يتدارك امورا مهمة بعيدا عن تناقضات السياسية، فمشروع الدعم الطارئ للامن الغذائي الذي بعثت به الحكومة الحالية
 
 صار محط جدل قانوني تنبعث منه رائحة التشكيك بوجود عمليات فساد تستغل القانون لأغراضها الخاصة كما يدعي البعض،وبعيدا عن الاعتراضات الفقهية في عالم القانون الذي تضرب مواده وفقراته عرض الحائط في أحيان كثيرة، ما تحدث به بعض خبراء وأعضاء الشؤون القانونية عن أن الحكومة الحالية لا يحق لها أن تبعث بمشاريع قوانين، ربما يحق في أمور معينة، لكن من جانب آخر في ما يخص قوت الناس وأمن الدولة الغذائي، فالقضية تتعدى الاختلاف على حق الحكومة القانوني من عدمه، ولا بد من وجود جهة رقابية صارمة تتولى القضية، الوضع العالمي المحيط بالعراق ينذر بالخطر، خصوصا بعد ازدياد حجم الخلاف في الأزمة الاوكرانية، فأضرار الحرب ستتعدى في خرابها الاقتصادي حدود آسيا وأوروبا وسترتفع الاسعار للمواد الاساسية إلى أرقام فلكية، وما لم يكن للدولة خزين ستراتيجي يبقي على موازنة الأسعار بنمط تدريجي لايؤدي إلى هلع وفوضى في بلد مثل العراق، فقد تنفلت الأوضاع المالية إلى ما لايحمد عقباه، وبغض النظر عن الوقوف مع اقرار المشروع أو 
رفضه، الناس تبحث عن العلاج لا التناقض والتنظير بين الصالح قانونا والطالح بالاجتهاد او المزاج، مشروع الدعم الطارى للأمن الغذائي لم يلقَ ترحيبا من خبراء وأعضاء الشؤون القانونية في مجلس النواب، فهو مخالف للنظام الداخلــي والقانــون، الــذي يشــير إلى أن هــذه الحكومة هي حكومة تصريــف أعمال يومية حسب رأيهم، وليس من صلاحياتها إرسال مشاريع قوانين، بينما ترى الحكومة أن الجدل الذي حدث بسبب قانون الأمن الغذائي “جــدل حتمي” كــون القانون يحتــوي علــى صرفيات وهو يمس شــرائح المجتمع 
الفقيرة، وتعتقد أن من صلاحيات مجلس الوزراء طرح مثل هذا المشروع وفق قانون الادارة المالية مع عدم وجود موازنة مالية لهذه السنة، بين هذا التناقض وبين المشرّعين والتنفيذيين تقف مصلحة الناس والامن الغذائي للبلاد في الوسط، كما الحال في خلافات كثيرة، ويبقى السؤال، ما الحل؟ دستور البلاد وقوانينها لو كانت قوية وملزمة وواضحة بلا فلسفة، لما كان الخلاف والتنظير هما المتصدران لكل فكرة او مشروع تحت ذريعة الخوف من الفساد، فذريعة الفساد هي نفسها أصبحت محط خلاف وتشكيك بين الخصوم، الاتهامات متبادلة ومستمرة بين الجميع، والشعب متفرج على خصومة الاضداد، والحكومــة المقبلــة قد يكون لديهــا برنامج مختلــف ومشــاريع خدميــة مختلفــة، وقــد تكون هــذه المشــاريع والقوانــين المرســلة الآن تتعارض مــع البرامج، التي ســتضعها لاحقا، وهكذا الأمر في كل شيء، خلاف التنظيرهو الشاغل الأول للمشرّعين والتنفيذيين بلا نتائج أو حلول 
شافية.