أهميَّة الفلسفة

آراء 2022/04/05
...

الأهمية مصطلح فيه إشارة الى مكانة الشيء في واقعه وفضائه، الذي يلعب فيه دوراً أو يشكل فيه خصوصية، وكذلك يبين القيمة التي يحظى بها ذلك الشيء المهم، سواءً كان فكرة او شخصاً او عمل وغيرها من الأشياء، ما يعنينا أن ما له أهمية يشكل هاجساً يدفع بالانسان على مستوى طلبه فعلياً او الرغبة او الكشف عنه.
  حازم رعد
ولكل شيء أهمية خاصة من خلالها تتحدد الاولويات وتتوضح الأهداف والآثار المترتبة على تلكم القيمة الكامنة فيه، والفلسفة بوصفها شيئا كباقي أشياء هذا العالم، لها اهميتها التي منها تستمد قيمتها، ولها خصوصيتها التي تتفرد بها وتتميز من خلالها عن غيرها من العلوم والفنون والمعارف، وهذا اللون من الأهمية هو ما نصطلح عليه "ذاتي" ينبع من كون الفلسفة مهمة بغض النظر عما تحيل إليه من ثراء معرفي وما تفصح عنه 
من مجاهيل، تكشفها بمباضع التحليل والنقد والتراكيب المختلفة، وما يمكن أن تنتجه على مستوى إنضاج الفكر ومد الواقع بالحلول للمشكلات وغيرها، وهناك أيضاً أهمية أخرى وهي أهميتها الموضوعية في كونها "اي الفلسفة" علما كبقية العلوم، لها موضوعاتها ومناهجها وأهدافها الأكاديمية التخصصية وغير التخصصية التي أشرنا لها أعلاه.
فما هي تلك الأهمية التي تحظى بها الفلسفة وما مدى قيمتها. هذا ما سأحاول الإجابة عنه في هذة المدونة الموجزة.
تبرز أهمية الفلسفة في أنها طريقة خاصة من التفكير تنشد الوصول لحقائق الأشياء بغية التعرف عليها وفهمها، وايضاً من خلال 
أنها ممارسة عقلانية تنظم سلوك الانسان وفاعليته وتترتب على أثرها أولوياته في الحياة حسب ما يحمله من رؤى وأفكار، فكونها محبة الحكمة فهي تستبطن نشاطين، الأول نظري يهيئ الأسس المعرفية لتشييد باقي الأبنية عليه، وكذلك نشاط ممارسة وفاعلية حقيقية في الواقع والمعيش والتداول اليومي، فمن هنا نفهم أن "للفلسفة" ارتباطا في وعي الانسان للواقع يمكن أن نستشفه من خلال أنها توضح مكانة الانسان في هذا الوجود، وتجعله يعي مقامه الفعلي، فتضع له مرتبة خاصة من خلال ما يتميز به من قوة الفكرة التي ينفرد بها عن الكائنات والفعل المسؤول والقيم الخلقية، التي يتحلى بها ويقيم عليها حياته.
كما أن للفلسفة خصوصية تحتكرها لنفسها في أنها تحدد أهداف الإنسان وتحقق له رؤية كونية عامة قائمة على أساس البراهين العقلية ومعنى ذلك أنها تضع الانسان أمام مجموعة من الفروض والتصورات تحكي ما يمكن ان يتبناه تجاه الكون والعالم والحياة وموضوعات الماوراء وطبيعة الممارسة، تحقق الفلسفة لونا من التبادل القائم على الفائدة بين الفكر والواقع، من خلال إنتاج المفاهيم التي من شأنها أن تؤطر الواقع بأطر معرفية ونظرية تحون دوال واشارات ترمز الواقع، لتتم من خلالها الاشارة اليه وتناوله مرحلة الممارسة والفعل والإنسان، إنما يتناول الواقع من خلال تلك المفاهيم التي انتجتها الفلسفة وهنا تكون أهميتها على مستوى تبادل التأثير بين النظرية والتطبيق بتوسط الواقع والأحداث، ثم أن طريقة اقتحام الفلسفة للموضوعات الكثيرة نقداً واستقصاءً بأدواتها المتنوعة تبتغي من خلالها أن تثور مخبوءات العقل، وتظهر مكنوناته لأرض الواقع، والتي من خلالها يفصح العقل عن أجمل ما يحمل ويثمر أطيب الأفكار 
وأنضجها. 
تتعزز اهمية الفلسفة من زاوية أنها تعين سبل ممارسة الانسان لحياته، وفق رؤية عقلانية مقبولة وتبدع له طرائق للعيش والتداول اليومي ومواكبة الأشياء والتماهي معها، صعوداً وهبوطاً، وهذا ما يرتبط بالفلسفة من ناحيتها العملية، والتي تسمى بفلسفة الممارسة، قد توجد فلسفات تريد رسم حياة الإنسان بصورة مثالية تختلف عن طبيعته الاصيلة، وكذلك بعيدة عن ضغط الواقع وتدافعه وبالتالي فشلها لا يعني فشل الفعل الفلسفي، بل عدم جدوى تلك الفكرة التي أسقطت على الإنسان بظروف متخيلة تختلف عن الظروف الموضوعية، 
تضفي الفلسفة قيمة للحياة وتبتكر لها معنى من خلال النظر والممارسة الفكرية والتأملية النشطة، التي يقوم بها الانسان في فهم وكشف حقائق الأشياء والنظر في جماليتها، وما تحمله من إبداع الصنعة وعظيم التنظيم والاتقان، فللاشياء خصوصية كامنة فيها قد لا تظهر دائما الا عبر التأمل والتدبر فيها وذلك ما تقوم به الفلسفة.
الفلسفة وفي مخاطرة واضحة تكسر المسلّمات والقبليات الموروثة بفأس التحليل والتفكيك والنقد، وتضع الفرد في مواجهة مباشرة مع ما يخشى أن يعرفه، ما يخاف أن ينكشف أنه خطأ وزيف 
وخرافة.
 وهكذا فإن الفلسفة لا تتلقى الأشياء بعفوية وبراءة، بل تضعها على طاولة التحليل وتبضعها بالتفكيك والنقد لتصل في النهاية الى كنه المفاهيم والأشياء وتعمل على تصحيحها، من كل ما سبق التعرض اليه نستطيع القول إننا اقتربنا من بعض من تشكله الفلسفة من أهمية، وما لها من قيمة يكون تظهير فاعليتها بشكل جلي في واقع الانسان، لتحكي لنا ما افترضناه في أول المقال من أهمية للفلسفة، تؤكد حضورها كطريقة عيش وفاعلية حياة للإنسان على هذه المعمورة.