الصحافة الورقيَّة والإهمال الحكومي

الصفحة الاخيرة 2022/04/06
...

زيد الحلي
ندوة مهمة أقامها قسم الصحافة بكلية الإعلام في جامعة بغداد، الاحد المنصرم بعنوان صادم وهو (مستقبل الصحافة الورقية في العراق) وكأن هذه الصحافة ولدت للتو، وتبحث عن آفاق المستقبل بعد نحو ما يزيد على 150 عاماً على صدور أول صحيفة ورقية عراقية، ولمعرفتي الأكيدة بالنوايا النبيلة والمخلصة للقائمين على الندوة، عمادة ورئاسة قسم الصحافة، فهدف الندوة العلمية هو إلقاء الضوء على واقع الصحافة الورقية العراقية حالياً، من أجل الرقي بهذا الواقع، لذلك أشيد بتلك النوايا ولهم الشكر 
الوفير.
لقد كنتُ من المشاركين في محاور الندوة، إلى جانب زميلات وزملاء أفاضل، مهنيين وأكاديميين، إذ كانت مشاركاتهم نافعة وصريحة في تشخيص مشكلات الصحافة الورقية، وأهم السبل المعرقلة لمسيرة التقدم المنشود لهذه الصحافة، وشخصياً، انصبت مشاركتي في تشخيص "علة العلل" التي بدأت ملامحها تتضح منذ بداية العقد المنصرم، إذ لاحظنا عناقيد الصحف الرصينة تتساقط واحدة إثر أخرى بسبب شح مواردها، وابتعاد الحكومة عن شواطئها من خلال غياب مورد الإعلان الحكومي وعدم وجود مؤسسة رسمية تختص بتوزيع الصحف والمجلات، فحرمت المحافظات من وصول الصحف إليها، وبقيت حبيسة التوزيع الفردي البسيط داخل بغداد، مثلما قال زميلي د. كاظم المقدادي نجدها عند تقاطع (الإشارات الضوئية!) إلى جانب توزيع خجول في بعض مراكز المحافظات بواسطة وسائط النقل الأهلية، بينما غابت الصحف عن الأقضية والنواحي نهائياً، واختفت بذلك المكتبات التي كنا نعرفها..
إذن نحن في بلد يريدون فيه أن تموت الصحافة الورقية ببطء أمام أنظار الحكومة والبرلمان والدولة، دون أن يلتفت إليها أحد، وكأنهم بذلك يقرؤون الفاتحة على أبهى معلم إنساني ظهر في الوجود، وهو الصحافة التي تسعى دول العالم جميعاً للنهوض بها، عدا العراق!.
آمل أن يتعظ من يجلس على كراسي المسؤولية، بالشاعر والأديب الإيرلندي "اوسكار وايلد" حينما قال جملته الشهيرة: في أميركا يحكم الرئيس لأربع سنوات، بينما تحكم الصحافة إلى الأبد!.