مسرحيَّة (مختل.. قان) في بابل

ثقافة 2022/04/06
...

 شكر حاجم الصالحي
 
أربعون دقيقة متواصلة من الجمال والعرض المدهش، أبدعه فنانو الفرقة المسرحية لنقابة معلمي بابل، فقد منحت عبر أداء مسرحي فسحة من التأمّل في الكشف عن تناقضات النفس البشرية عبر أنموذجين مختلفين من البشر، لكل واحد منهما رؤيته وقناعاته واختلافاته ومبررات تشبّثه
بأفكاره. 
وقد نجح الفنان غالب العميدي مؤلف ومخرج العرض من استثمار طاقات ممثليه الجسدية المتأتية من خبرتهم على خشبات المسارح، من إيصال فكرة العرض ورسالته التي أكدت في خلاصتها على أهمية نبذ الكراهية وتكريس مفاهيم المحبة واحترام الرأي الآخر، عبر حوارات منضبطة بما يؤكد حق الإنسان في العيش في أجواء من الحرية والكرامة والاستقلالية التامة عن تأثيرات وضغوطات الحياة والآخرين، لقد تألق الممثلون (الروّاد) محمد المرعب، أحمد خليل، أحمد حميد الشيباني وساندهم الفنيون عامر رحيم في الإدارة المسرحية، وخضر السلطاني في المؤثرات الصورية والصوتية، وسراج منير في الإضاءة وأحمد فيصل في
الديكور.
 وكانت المجموعة بانسجامها وتفاهمها وسلامة لغتها العربية تؤكد قدراتها الفنية المعبرة عن روح نص (مختل.. قان) وشفراته المتعددة التي منحت المشاهدين مساحات من التأويل وتفكيك حيثيات النص، وما أراده المؤلف والمخرج غالب العميدي من صياغة لمساته الذكية والإفصاح عن رؤيته الفكرية التي استمدَّ منها فكرة وحوارات نصّه الجميل (مختل .. قان) الذي يشير الى قصدية العميدي في رسم عنونة عمله المثير هذا من خلال وضع مفردتي العنوان هكذا:
- مختل ... قان -
وفي هذا الرسم طاقة تعبيرية لافتة للدهشة والانتباه، فالفنان أحمد حميد الشيباني - وحسب نص العرض، كان لا ينفك عن ترديد قناعاته الفكرية التي يستلها من الكتاب الذي يحمله طيلة وقت العرض، في حين كان زميله الفنان أحمد خليل يشاكسه بطروحاته المختلفة، وكان الاثنان يعبران عن محنة الإنسان وتخندق كل واحد من الاثنين في مساراته وقناعاته الشخصية.. ولم يكن محمد المرعب الفنان الذي يمتلك خبرة نصف قرن من الوقوف على خشبات المسرح، سوى ذلك الفنان القدير الذي أدار حوار المختلفين بحكمته وخبرته واستطاع أن يصل بموقفيهما الى شواطئ الاقتراب والانسجام في نهاية المطاف، وحسب ما أراد لها العميدي
ذلك.
لقد استطاعت (مختل .. قان) أن توصل ما تريد من أفكار عبر حوارات ممتعة، جعلت جمهور المشاهدة، يصفق طويلاً لهذا الإبداع الذي أنتجته نقابة معلمي بابل، وجعلتنا نعيش أجمل الأوقات السعيدة رغم كل ما يحيطنا من خلافات
واختلافات.